العام قبل الماضى كان بعض أولياء الأمور يطلبون منا مساعدتهم فى نقل أبنائهم من المعاهد الأزهرية إلى مدارس التربية والتعليم فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كما أن الأهالى كانوا يعزفون عن إلحاق أطفالهم بالأزهر نظراً لصعوبة الدراسة فيه، حتى أصبحت بعض المعاهد تكاد تكون خالية من طلابها، ما جعل إدارة الأزهر تقرر رفض طلبات التحويل إذا انخفضت كثافة الفصول عن 20 طالباً فى الفصل الواحد، هكذا كان الحال العام قبل الماضى، أما هذا العام فهناك نحو 300 ألف طلب تحويل من التربية والتعليم إلى المعاهد الأزهرية، بالإضافة إلى زيادة إقبال الطلبة الجدد على الأزهر بنسبة 50%، ماذا حدث من العام قبل الماضى إلى العام الحالى حتى تنقلب الأوضاع بهذه الدرجة؟! هذا ما يجب بحثه، هناك من يفسر ذلك بأن التعليم الأزهرى فى جميع مراحله ما زال مجانياً، وفضيلة الإمام الأكبر يرفض زيادة مصروفاته ليس فقط للمصريين، بل أيضاً لطلاب أكثر من 120 دولة يدرسون فيه، كما أن الدروس الخصوصية بالأزهر قليلة أو منعدمة، والنجاح سهل، والالتحاق بالكليات مضمون، كذلك تطويره يخضع إلى دراسات متأنية ومعايير واضحة، حتى فكرة التابلت رفضها الأزهر لحين معرفة نتائجها فى التربية والتعليم، البعض قد يرى أن 300 ألف طلب تحويل من المدارس للمعاهد عدد قليل باعتبار أن هناك أكثر من 15 مليون طالب فى التربية والتعليم، ولكنها قضية تستحق الاهتمام والدراسة، لأنه متوقع تزايد العدد بعد شكاوى معظم الطلاب من نتيجة الثانوية العامة هذا العام، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة للتعليم الخاص سواء فى المدارس أو الجامعات.
القضية الأخرى ما جاء فى تقرير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، الذى أكد أن المنظومة استقبلت 150 ألف شكوى خلال شهر أغسطس الماضى، أى بواقع خمسة آلاف شكوى يومياً، وهو رقم كبير ويستحق أيضاً الدراسة لأنه يعبر عن مدى معاناة المواطن مع الجهاز الإدارى، وأن بعض المسئولين يعتبرون المنصب تشريفاًَ أو وجاهة اجتماعية وليس تكليفاً، ويتقاعسون عن سرعة الاستجابة والتفاعل مع المشاكل رغم أن السيد رئيس الجمهورية لا يترك أى مناسبة إلا ويوجه بضرورة رفع المعاناة عن كاهل المواطنين والاستجابة لمطالبهم طالما كانت مشروعة وفى إطار القانون وحدود إمكانيات الدولة.
صحيح أن منظومة الشكاوى هى جزء من الحكومة وتابعة للسيد رئيس الوزراء مباشرة، وأن القائمين عليها والعاملين فيها شخصيات وطنية محترمة وتسعى إلى إغاثة الملهوف، وأصبحت الملاذ الأول والأخير لأصحاب المظالم، ولكن العبء عليها كبير، وتحتاج إلى جهاز إدارى ضخم حتى تستطيع مواجهة هذا الكم الهائل من الشكاوى الذى يتزايد شهرياً، بالإضافة إلى المهام والأعباء الجديدة التى فرضتها جائحة كورونا، حيث تتلقى المنظومة استغاثات المصابين بالفيروس اللعين وتساعدهم فى العلاج.
300 ألف طلب تحويل من مدارس التربية والتعليم إلى المعاهد الأزهرية، واستقبال منظومة الشكاوى الحكومية لـ150 ألف شكوى خلال شهر أغسطس رقمان يستحقان التأمل والدراسة، ويجب ألا يمرَّا مرور الكرام.
ختاماً الاحترام والتقدير لكل من يسعى لخدمة المواطنين والتخفيف من معاناتهم.
والله الموفق والمستعان وتحيا مصر..