55% من اقتصاد مصر «غير رسمى».. هكذا تحدث وزير المالية الدكتور محمد معيط.
الاقتصاد غير الرسمى يعنى ببساطة الأنشطة الاقتصادية الموازية التى يقوم بها أفراد بعيداً عن رقابة الدولة، وتعمل خارج الإطار القانونى (مشروعات لا يوجد لها بطاقات ضريبية أو سجلات تجارية).
الاقتصاد غير الرسمى قد يأخذ شكل الخدمات الفردية التى يقدمها شخص لغيره ويحصل منه على مقابل، مثل الدروس الخصوصية، وقد يأخذ شكل الورشة أو المصنع الصغير الذى يختفى فى منزل، ويمارس نشاطه بدون أوراق.
فى المجمل العام تحقق الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية مبالغ هائلة، نظراً لانخراط عدد ضخم من أفراد المجتمع فيها. على سبيل المثال ينفق المصريون ما يقرب من 50 مليار جنيه سنوياً على الدروس الخصوصية، وقِس على ذلك المليارات التى تدرها المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
وليس هناك خلاف على أن دمج أنشطة الاقتصاد غير الرسمى فى الإطار القانونى العام لممارسة النشاط الاقتصادى سيؤدى إلى زيادة حصيلة الضرائب التى تجمعها الدولة. ومن المتوقع أن تبلغ حصيلة الضرائب فى موازنة 2021/2022 (983 مليار جنيه)، لكن على الدولة أن تراعى عدداً من الأمور وهى تسعى إلى دمج الاقتصاد الموازى فى الرسمى.
تتعلق الملاحظة الأولى بالأخذ فى الاعتبار أن نسبة من أنشطة الاقتصاد الموازى أو غير الرسمى هدفها الأساسى تحقيق دخل تعتمد عليه بعض الأسر فى معيشتها. فليس كل المدرسين الخصوصيين -على سبيل المثال- من أصحاب الدخول المليونية شهرياً، فنسبة لا بأس منهم تقوم بنشاط التدريس الخصوصى بهدف تحسين الدخل والوفاء باحتياجات الأسر التى تعولها، وبالتالى لا بد من إيجاد حلول مرنة لا يشعر معها البعض بأى نوع من الظلم عند تقدير الضرائب.
أما الملاحظة الثانية فترتبط بفكرة الأخذ والعطاء. فمن حق الدولة أن تأخذ ضرائب من المواطن الذى يقوم بنشاط اقتصادى مربح، لكنها فى المقابل مطالبة بالعطاء. الدولة تأخذ الضريبة من أجل تمويل مشروعات البنية الأساسية التى يستفيد منها المواطن، وكما يطالب المسئول الجميع بالدفع على الحكومة أن تؤدى ما عليها من واجب.
مردود دفع الضريبة لا بد أن تترجمه الدولة فى خدمات حقيقية يشعر بها المواطن فى الشارع الذى يسير فيه، والمدرسة التى يتعلم فيها ابنه، والمستشفى الذى يعالج فيه وهكذا.
الملاحظة الثالثة تتصل بإجراءات دمج الاقتصاد الموازى فى الاقتصاد الرسمى، فمن الضرورى أن تعتمد الدولة على خطة متأنية، ترتكن على التوعية والإقناع، وليس على الضغط والمطاردة. لا بد أن يفهم الناس جدوى الإجراء وأن يثقوا فى السلطة أو الجهة التى تقوم به حتى يتحركوا للتعاون معها من تلقاء أنفسهم.
الضغط والمطاردة يتسببان فى التهرب، وأكبر مشكلة مزمنة تعانى منها المؤسسة الضريبية هى التهرب من الدفع، والتهرب أساسه ضعف الثقة، لذا يظل رفع منسوب الثقة فى المؤسسة الضريبية والمؤسسات الحكومية الأخرى التى تترجم الحصيلة الضريبية إلى خدمات هو واجب الوقت، إذا كنا نريد حقيقة حل المشكلة.