لا يزال فيروس كورونا يحصد الأرواح دون هوادة، يخبرنا بأنه باقٍ، بل يتحايل على ذكاء العلماء والخبراء، ويلتف على سلاحهم الموجَّه ضده بالمراوغة والتحور، احتار العلم وعجز عن فهمه، نحن نعيش فى قائمة الانتظار، لم يكن «كوفيد-19» هو السبب الوحيد لأوجاعنا، لأننا أصبحنا نعيش فى قرية كبيرة من الأزمات النفسية والصحية والبيئية. رحل عن عالمنا العديد من الأناس الذين نحبهم ونعتز بهم. رحيلهم مؤلم، وإحساس الفقد موجع. الأخبار المقبضة تحاصرنا، تخنق مشاعرنا، تُفقدنا القدرة على المقاومة، تستلب منا رحيق الطمأنينة والأمان والهدوء، الأوبئة تتصاعد وتيرتها ولن تتوقف عند كورونا. التغير المناخى زاد من حدة ارتفاع درجات الحرارة، والتجرؤ على الطبيعة أسهم بشكل كبير فى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة، وما كان فيروس كورونا سوى تمهيد لأوبئة أكثر حدة وخطورة تهدد استقرار العالم إذا لم ينتبه صنّاع القرار فى الدول العظمى لهذه الكارثة البيئية، خاصة أن منظمة الصحة العالمية حذرت مراراً من أن العالم سيواجه أوبئة أكثر شراسة من «كوفيد-19»، فلماذا يتغافل العالم عن هذه التحذيرات الخطيرة؟ وإلى متى يستمر تجاهل الدول الصناعية الكبرى الأخذ بعين الاعتبار والجدية تلك التحذيرات الخطيرة؟ هل هو الغرور؟! أم أنها البداية لنهاية كوكب الأرض؟ إنه سؤال الساعة على مستوى العالم كله، لكن المؤسف عدم السعى لإيجاد الحلول الجدية والفعالة؟!
العنوان العريض لكل ما يحدث هو أن المناخ فى خطر، حرائق غابات مدمرة، فيضانات استثنائية، موجات حر، انهيار جليدى، كوارث طبيعية ضربت الكثير من دول العالم، وأودت بحياة الآلاف من البشر، دول العالم والمنظمات الأممية تدق ناقوس الخطر، وتتجه لاتخاذ تدابير صارمة، بينما تبقى دول العالم الثالث عاجزة، فى العالم العربى لا ينال الشأن البيئى الاهتمام اللازم، فالكثير من هذه الدول غير مستقرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ما يجعل البيئة فى آخر سلم اهتمامات الفرد والحكومات. كما أن هذه الدول غير مجهزة للتعاطى مع أى كارثة بيئية تطرأ.. فعلى مَن تقع المسئولية؟ الحكومات؟ أم الأفراد؟ أم الاثنين معاً؟
لقد توصلت دراسة أعدتها «مجموعة متابعة العمل من أجل المناخ» إلى أن عدداً قليلاً فقط من مجموعة الدول العشرين، من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قد تمكنت من تعزيز أهدافها لتقليص الانبعاث. وفى تحليل آخر يشير معهد الموارد العالمية ومعهد تحليل المناخ كيف أن الصين والهند والسعودية وتركيا المسئولة عن 33% من غازات الاحتباس الحرارى لم تقدم خططها المحدَّثة بعد. لذا فإن «العالم يسير فى الاتجاه الخطأ». تلك هى خلاصة ما توصَّل إليه خبراء المنظمة الدولية فى الخطط المتعلقة بالمناخ لمائة دولة فى العالم، فقد أكد العلماء مؤخراً أنه من أجل تجنب أسوأ التأثيرات للجو الحار، فإنه يتوجب علينا تقليص الانبعاثات الكربونية بنسبة 35% بحلول عام 2030، غير أن التحليلات تشير إلى أن الانبعاث سوف يرتفع بنسبة 16% خلال الفترة المشار إليها على الرغم من التحذيرات الصارمة بشأن قضية التغير المناخى والتلوث البيئى، ما يعنى أن درجات الحرارة سوف ترتفع بنسبة أكبر فى السنوات المقبلة، وهو أمر غاية فى الخطورة على البيئة والبشر والتوازن الطبيعى، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للدول الصناعية والعظمى، فما بالنا بدول العالم الثالث الهش والفقير، وشعوبه التى تعانى من أزمات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، وبيئية وصحية. ألا يكفى ذلك لكى نشعر باليأس والاضطراب النفسى والعقلى؟!