فى أكثر من مناسبة، حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على إظهار احترامه وتقديره لكل من عمل تحت قيادتهم خلال مسيرته العسكرية، ولم يكن حواره مع اللواء سمير فرج هو الأول فى هذا الإطار، وسبق للرئيس أن نعى اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى الأسبق بمجلس النواب قائلاً: «فقدت مصر اليوم واحداً من أغلى رجالها، معلمى وأستاذى وقائدى اللواء كمال عامر»، وعن المشير محمد حسين طنطاوى قال: «فقدتُ اليوم أباً ومعلماً وإنساناً غيوراً على وطنه، كثيراً ما تعلمت منه القدوة والتفانى فى خدمة الوطن»، كما رأينا كيف حرص الرئيس على تحية الفريق عبدرب النبى حافظ، رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة، وذهب الرئيس إليه قبل أن يجلس فى مقعده.
وعندما قال اللواء سمير فرج: «أنا أفتخر أنه فى يوم من الأيام كنت مع سيادتك فى الكتيبة»، سارع الرئيس السيسى قائلاً: «لا يا فندم أنا اللى كنت مع حضرتك، عمر العين ما هتترفع عن الحاجب».
هكذا وعبر أكثر من مناسبة، خرج الرئيس السيسى بالتقاليد العسكرية من دائرتها المغلقة فى القوات المسلحة إلى دائرة أكثر اتساعاً تضم الشعب المصرى كله.
ومن أبرز التقاليد العسكرية ذلك السلوك الذى يظهر الاحترام المتبادل بين العسكريين، والدال على مدى الجدية والانضباط فى تعاملهم فيما بينهم، وهو سلوك يتصدر القواعد العامة المتبعة والأصيلة فى الجيش المصرى، ويتعلمها العسكرى فى المدارس والكليات العسكرية إلى أن تصبح جزءاً من حياته اليومية، وبها -ومعها- تتحدد معالم العلاقة بينه وبين قادته، وبينه وبين زملائه ضمن إطار منظم لا يختلف عليه أحد، ويعد من سمات العسكرية الناجحة، ومقياس مدى الالتزام بالأعراف العسكرية التى تقود فى النهاية لجيش منضبط مدرب يستطيع أن يخوض أشرس المعارك دفاعاً عن الوطن.
ويأتى الضبط والربط العسكرى على رأس أولويات الأدبيات والتقاليد العسكرية العالمية، ويشكل مع الروح المعنوية والعمل بروح الفريق «تركيبة» متداخلة تكون - عادة - هى السبب الأول لنجاح أو فشل أى مؤسسة عسكرية، وهذه «التركيبة» هى حجر الزاوية فى نجاح القيادة وفعاليتها نحو تحقيق أهدافها، والضبط والربط لا يقتصر فقط على أساس محدد من الأداء الفنى للخدمات والوظائف وتنفيذ المهام والواجبات، بل يتعداها إلى السلوك الشخصى للأفراد والضباط ولذلك تتوقف قيمة أى وحدة عسكرية على مدى تحلى أفرادها بالانضباط والتقاليد العسكرية والخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة.
التقاليد العسكرية، كما أراد الرئيس السيسى أن يبرزها لنا كمظهر أساسى من مظاهر الحياة العسكرية، تبدو كعلامة فارقة على الجدية فى التعامل بما يُظهر مدى حسن التصرف والولاء للمؤسسة، واحترام وتقدير الرؤساء وتنفيذ الأوامر والتعليمات العسكرية بنصها وروحها بكامل الرضا دون أى حرج، ما يؤدى فى النهاية إلى إنجاز المهام كأحسن ما يكون فى إطار مستوى راقٍ من الأداء الفردى والجماعى فى مختلف الظروف.
كل من أدى الخدمة الوطنية فى الجيش المصرى يعرف التعبير الشائع «البيان على المعلم» الذى يشير إلى أن التوضيح والشرح سيتم على يد «المعلم» أو قائد المجموعة حتى يفهم الجنود الجدد المقصود من هذا البيان وكيفية التدريب عليه.
أتمنى أن يكون بيان «المعلم» السيسى مفهوماً للكثيرين كما فهمته.