رغم أن المجتمع الأمريكى لا يهتم سوى بشئونه الداخلية، وقلما وجدنا لديه ثقافة الانفتاح على العالم أو الاهتمام بالشأن الخارجى، فإن هناك مَن يهتم ويتفاعل ويشارك فى الشأن العام. الممثلة الأمريكية ونجمة هوليوود «سوزان ساراندون» تعد واحدة من أهم النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية التى لا تتوانى عن فضح وكشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى. آخر تغريداتها عبر حسابها على «تويتر» تحتوى على صورة تقارن بين مساحة الأرض التى استولى عليها المستوطنون فى فلسطين بين عامى 1918 و2021، وأخرى فى الولايات المتحدة انتزعت من سكانها الأصليين بين عامى 1492 و2021، بمناسبة يوم السكان الأصليين فى الولايات المتحدة الأمريكية. وأعادت منظمة «صوت يهودى من أجل السلام» Jewish voice for peace وهى منظمة يهودية يسارية ناشطة فى الولايات المتحدة تدعم حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها، نشر تغريدة «ساراندون» على حسابها الرسمى، «تويتر»، تشكرها على دعم حملة إعادة الأرض للسكان الأصليين، وحق الفلسطينيين فى العودة وتقرير المصير فى وطنهم.
ورغم الضجة التى أحدثتها تغريدة «ساراندون»، فإنها لم تكن المرة الأولى التى تعبر فيها عن دعمها للشعب الفلسطينى، ويكون موقفها حازماً ضد الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، خصوصاً خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة فى مايو الماضى، حين غردت قائلة: «هذه ليست اشتباكات، هذه قوة عسكرية فائقة التسليح تقتل مدنيين لسرقة منازلهم.. هذا احتلال واستعمار»، وغردت أيضاً تضامناً مع حى الشيخ جراح فى القدس: «أنا مع الشعب الفلسطينى الذى يواجه التطهير العرقى والترهيب على أيدى الحكومة الإسرائيلية ومنظمات المستوطنين اليهود.. العالم يشاهد».
«ساراندون» ليست الوحيدة الداعمة للقضية الفلسطينية، هناك العديد من نجوم هوليوود المؤثرين لهم مواقف مشابهة ضد العنف الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة، منهم الممثل الأمريكى «مارك رافالو» الذى غرد فى أحداث حى «الشيخ جراح»، بعبارات شديدة ضد إسرائيل، قال فيها: «1500 فلسطينى يواجهون التهجير فى القدس، أصيب 200 متظاهر، وقتل 9 أطفال، ولقد ساعدت العقوبات ضد جنوب أفريقيا على إنهاء الفصل العنصرى. لقد حان الوقت لفرض عقوبات على إسرائيل لتحرير الفلسطينيين».
طالما تعرض الفلسطينيون لاتهامات بالتخلى عن أراضيهم ووطنهم، والسبب يعود إلى تعرض الوعى العربى والغربى للتضليل من خلال ماكينة الإعلام الإسرائيلى الممنهجة فى أنحاء العالم، وعلى مدار العقود الماضية، وفى هذا السياق، وبعد التهديد الفلسطينى بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، فقد اضطرت الحكومة الإسرائيلية قبل أيام إلى كشف بضعة آلاف من الوثائق التى أخفتها منذ قيامها، وتؤكد فيها الرواية الفلسطينية حول أحداث النكبة الفلسطينية والقائلة إن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين رحلوا عن وطنهم فى عام 1948، تعرضوا لعملية طرد ولم يهربوا بسبب الخوف فقط. وتحتوى هذه الوثائق على تقارير عديدة تبين أن التنظيمات الإسرائيلية العسكرية التى احتلت المناطق المخصصة للفلسطينيين حسب قرار التقسيم، نفذت الكثير من العمليات التى تعتبر «جرائم حرب»، حسب القانون الدولى، فقد بادر «معهد عكفوت»، تعنى تقفى الأثر، وهو معهد بحوث إسرائيلى متخصص فى الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى إلى نشر وثائق سرية منذ 73 عاماً تتعلق بالأساس بعمليات التنظيمات العسكرية الصهيونية التى عملت على طرد الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم ومنعهم من العودة، ومن الأمثلة على هذه الوثائق تقارير تتعلق بمذبحة دير ياسين الشهيرة، التى تم ارتكابها فى 10 أبريل عام 1948، قبل شهر من قيام دولة إسرائيل، التى أرادوا لها أن تكون نموذجاً يخيف العرب ويدفعهم إلى الرحيل. فاقتحم القرية نحو 130 عنصراً من تنظيم «إيتسل» انضم إليهم لاحقاً عدد من التنظيمات الصهيونية الأخرى، وراحوا يقتلون كل من يلتقونه فى الشارع. وهو نموذج مصغر لما حدث من مجازر ضد الفلسطينيين ليتركوا أراضيهم ويرحلوا.