تستخدم جماعة الإخوان شتى الأساليب للدعاية المقبولة وغير المقبولة لمرشحها فى معركة تعتبرها انتحارية «حياة أو موت»، ويبدو أن العقل المدبر للجماعة تنبه إلى طبيعة المصرى المتدين بالفطرة، بجانب الأمية، وهما يمثلان الأرضية القابلة لدغدغة مشاعر الناخبين بالأسلمة الشكلية، فاستعارت الجماعة الأدوات السلفية فى الدعاية الانتخابية، وهى الأدوات المتمثلة فى خطاب حرارى ثائر يداعب عقول العوام ويستغل انتماءهم للدين، وللمفكر المرحوم حسام تمام بحث ماتع عن «تسلف الإخوان».
لقد تقدم لقيادة المؤتمرات الإخوانية صفوت حجازى والشاطر بما لهما من ميول إخوانية متسلفة (الأول بدأ تكوينه على يد السلفيين فى السعودية والثانى عضو فى الهيئة الشرعية السلفية)، وما يفعلونه هنا يعكس تداخل الجوانب التربوية والتثقيفية فى الجماعة مع المنظومة الدعوية السلفية.
وبجانب حجازى فقد تصدر المشهد دعاة سلفيون كفوزى السعيد وعبد المقصود، وتأخر سياسيون بارزون كالعريان والبلتاجى.
وكما رفع السلفيون فى الانتخابات النيابية شعار «تطبيق شرع الله» وثبت جدواه وتأثيره على البسطاء والسلفيين لأن استخدام الدين هو الأقدر على توجية الرأى العام، ولما رأى مرسى أصوات السلفيين حائرة أراد اقتناصها برفع شعار «تطبيق شرع الله»، فلما رأى العبارة ليست مجدية بالقدر المتوقع أضاف إليها «الآن الآن الآن»، وتطبيق شرع الله الآن إما أن يُقصد به التطبيق الشكلى، أو يقصد به التطبيق الفعلى المتمثل فى تطوير المستشفيات وتنمية العشوائيات وتوفير فرص العمل وتحديث التعليم.. فإن كان الأول فذلك عبث بشرع الله، وإن كان الثانى فوعد غير صادق لأنه يستحيل تنفيذه «الآن».
سلفنة الحملة الإخوانية ظهرت أيضا لما وزع الإخوان ورقة عليها أسماء مؤيدى مرسى، وليس بينهم سياسى بارز، ولا اقتصادى مرموق، ولا قانونى مشهور، بل تصدر الورقة شيوخ من السلفية ولاعبو كرة.
عجز الإخوان عن الحصول على تأييد قامات مثل هويدى والقرضاوى والبشرى وسيف عبدالفتاح وزويل ونصار ومجدى يعقوب والمسلمانى، فلجأوا إلى مشايخ سلفيين، كأن المعركة على رئاسة هيئة دينية وليس على رئاسة مصر.
أحس الإخوان (وهو إحساس فى غير محلة) بضعف مرشحهم، فأصيبوا بالتعصب والتشنج، وحشدوا له المؤيدين بالحق والباطل، فزعموا تأييد محمد حسان ثم خرج لينفى، وزعموا تراجع القرضاوى عن تأييد أبوالفتوح فخرج لينفى، وزعموا تأييد حافظ سلامة فخرج لينفى، وزعموا تأييد الأزهر ولم يؤيد واحدا.
وقف صفوت حجازى يقول: إن مرسى سيؤسس الولايات العربية المتحدة وعاصمتها القدس ويحرر فلسطين!! تصفق الجماهير لهذه البشرى، لكن ما معنى أن المرشد ومرسى يصفقان خلفه لهذا الكلام كأنه جد وليس هزلا.
لا يوجد سياسى أو اقتصادى أو قانونى أو أكاديمى من خارج الجماعة يؤيد مرسى، فلجأ الإخوان إلى سلفنة الحملة كبديل عن الشخصيات الكبيرة.
د. مرسى سياسى محترم، له أتباع كثر، أقرب المنافسين فى تقديرى للمنصب، ولذا فلا داعى لانتهاج أساليب غير مهنية فى الدعاية لأنه لا يكون إلا ما قدره الله.