فى 13 يونيو 2017، كتبت هنا مقالاً يحمل رسالة إلى لجنة استرداد أراضى الدولة، التى كانت تُعرَف إعلامياً وشعبياً باسم «لجنة محلب»، جاء فيها أن هناك نحو مليون فدان كاملة منزرعة تم الاستيلاء عليها، وتغريبها، وتغييبها عن عيون المختصين بحصرها وتسجيلها وتحصيل أرياعها، وهى ملك خالص للدولة «أوقاف وإصلاح».
كانت «لجنة محلب» وقتها قد مر على إنشائها أكثر من 16 شهراً، بقرار رئيس الجمهورية رقم 75 لسنة 2016، باسم «لجنة استرداد أراضى الدولة»، وكانت برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وكتبت فى المقال المذكور فى تاريخه أن أحداً لم يتطوع بإرشاد اللجنة إلى وجهات هذه الأراضى وأماكن حفظ ملفاتها، على أمل الشروع فى استردادها إلى حضن الدولة.
هذه المليون فدان السائبة من أيادى الدولة، والحبيسة فى أدراج موظفى مناطق هيئة الأوقاف المصرية على مستوى الجمهورية، يتم التعامل عليها وفيها كغنيمة أفرزتها وجنبتها لجنة القسمة التى يشكلها وزير الأوقاف برئاسة قاضيين بالمعاش غالباً، كما جاء فى المقال المشار إليه حرفياً.
ولأن الأمر قد مر كرصاصة فشنك فى هواء عاصف، أضطر لاستحضار بعض ما جاء فى المقال المنشور قبل أكثر من أربعة أعوام، مع إضافة بعض القصص الإنسانية التى ينام أبطالها حالياً بين الزروع، وفى خرابات مهجورة فى العِزَب والنجوع، هرباً من أحكام قضائية فاز بها طامعون فى أراضٍ وُزِّعت على أصحابها الحقيقيين بموجب استمارات بحوث حازوا بها عقوداً بملكية الأرض ودفعوا أقساطها لهيئة الإصلاح الزراعى، ثم ظهر لهم من يزعم ملكيتها، بعقود حررتها لجنة القسمة التابعة لوزارة الأوقاف.
جاء فى المقال الغابر المنسى:
ولمن يعنيه الأمر، كان القانون 50 لسنة 1961، قد أعاد تقسيم الأوقاف الأهلية على مستوى الجمهورية على المستحقين، وكلمة «المستحقين» يُقصد بها «الفراشون، والخدم، وأهل الحظوة» المقربون من أصحاب هذه الأوقاف الأهلية، وجاءت المادة 5 من القانون 50 لتحدد الملكية بـ50 فداناً فقط للمستحق، فيما تؤول باقى أراضى الوقف إلى الإصلاح الزراعى، كما جاء حكم المحكمة الدستورية العليا عام 2008، بوقف قانون «حق الاستحقاق»، وذلك بإلغاء الوقف على الخيرات، وإحلال الوريث مكان المستحق.
ووفقاً للقانون، فإن عقد القسمة ليس سنداً للملكية، إلا بعد تسجيله فى الشهر العقارى، مع تحديده بـ50 فداناً فقط للوريث، لتظل باقى الأراضى تحت سيطرة موظفى مناطق الأوقاف، وهى التى يتوارثها الموظفون حتى الآن، ولم يحصل عليها «الإصلاح الزراعى»، ولم تنتفع بها الدولة، وتقدر بنحو مليون فدان على مستوى الجمهورية.
ومع الاكتفاء بإعادة هذا القدر من المقال السابق بتصرُّف، تجدر الإشارة إلى أن هيئة الإصلاح الزراعى كانت قد شكلت منذ نحو شهرين لجنة لفرز أملاك منهوبة فى محافظة البحيرة، منها 1800 فدان فى قرى وعزب الأشراك ورستم وأبوخراش التابعة لمركز الرحمانية (وقف ماهيتاب قادن)، وبقدرة «قادر من إياهم» تعامت اللجنة عن فرز 201 فدان تم توزيعها على قدامى المحاربين العائدين من اليمن، وامتلكوا عقودها منذ صدور قانون الإصلاح الزراعى، ومنذ أكثر من عشرة أعوام يعانى مستحقوها من ويلات النزاع عليها مع أحد الطامعين، الذى حصل على أحكام ضدهم بموجب عقد لجنة قسمة الأوقاف، وليلوِّح لهم بأن يذهبوا إلى من وزَّع عليهم هذه الأراضى ليعيدها إليهم، قاصداً بذلك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.