تحديات سورة الكهف فى أوجه محددة.. أولها تحدى وصف تفصيلى للكهف موقعاً ومخبأً لأهل الكهف من المؤمنين فى موقع نادر لا تدخله الشمس وإنما يدخل ضوؤها دون حرارتها، كأنه يصفه لمن سيكتشفه، وكذلك تحدى عدد أهل الكهف ليحل اللغز فى عددهم بعدم ذكر حرف الواو إلا فى الرقم المقصود الصحيح، فتكون الآيات الأولى بدون واو «سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ» أى غير صحيح، «ويَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ»، أى سيعلمه بعض البشر الذين يتفكرون بعمق فى حروف وكلمات وجمل القرآن، وهكذا أوضحت السورة أن العدد الصحيح هو سبعة وثامنهم كلبهم لأنها انفردت بحرف الواو دون العددين السابقين، إذاً غياب حرف الواو كان إشارة إلى أنه مجرد رجم أى «تخمين»، لكن حين وجدت الواو فهو سرد حقيقى لواقع مرصود، ثم انتقلت السورة من معجزة عدد أصحاب الكهف إلى معجزة عدد السنين التى خلدوا فيها للنوم كأنه وفاة ولكنهم أحياء تم تنويمهم مغناطيسياً!
إن جاز التعبير فهم أحياء كالأموات، أو أموات كالأحياء، فكان حساب السنين بالحساب الشمسى وبالحساب القمرى فهم بالتعداد الشمسى ثلاثمائة عام، وإذا حسبت الفرق فى السنين والأيام بين الحسابين الشمسى والقمرى ستكون هناك فروق لأن الشهور الهجرية منها شهور ٣٠ يوماً وأخرى ٢٩ مقابل شهر فبراير الناقص فى الشهور الميلادية أحياناً ٢٨ يوماً، وعلى مدار الثلاثمائة سنة تكون الفروق ٩ سنوات كاملة، «وازدادوا تسعا»، وهكذا تكون سورة الكهف اختباراً متقدماً لكل الدول والحضارات فى عهد نزول القرآن من روما إلى أثينا وكل الحضارات أن ينزل على رجل أمى فى جزيرة العرب كل هذه العلوم فى الحساب والأرقام التى شملت أعداد السنين بالميلادى مقابل الهجرى، وهكذا نصل إلى تسمية سورة الكهف أنها تحدى الأرقام وإن شئت هى سورة «الرقيم» التى استسهل المفسرون الأوائل تفسيرها بأن الرقيم اسم الكهف!
وهو كلام عكس هذا الإعجاز العلمى عن الشمس والقمر والإعجاز الرقمى فى دقة عدد أهل الكهف ودقة عدد سنوات وأيام رقودهم فى الكهف.
وتسمية المكان باسم مرفق هى لغة عربية، حيث نسميها المرافق أى العناصر الأساسية للمعيشة، ولاستمرار حياة الإنسان بوصول المياه والغذاء والكهرباء أى الطاقة للمنزل وبالتالى فإن كلمة «مرفقاً» و«مرتفقاً» هنا لا يمكن إلا أن تكون أن المكان صالح للمعيشة هواء ومياهاً وإضاءة شمس.
وانتقل التحدى القرآنى من الأرقام إلى تحدى اللغة فى أن مرفقاً ومرتفقاً استخدمت فى تحديد معنى أنه مكان له مرافق تصلح لمعيشة الإنسان.
وكذلك استمر التحدى اللغوى فى علاقة سيدنا الخضر بسيدنا موسى، حيث حاول القرآن أن يثبت الفرق بين رجل من البشر آتاه الله علماً لدنِّياً وهو علم الصوفية ومن يصعدون إلى مراتب الملائكة من البشر من كثرة زهدهم فى الدنيا.. يعيشون كأنهم ملائكة يشعرون بالمستقبل فى أحلامهم فتتحقق فى أيامهم مثل رؤيا سيدنا يوسف التى تنبأ فيها أن يكون ملكاً أو وزيراً، وقد كان، وأثبت القرآن أن رؤيا الأولياء والرسل والعباد المخلصين فى تدينهم كأنهم ملائكة، وانطبق هذا على «الخضر» حين وجده موسى جالساً على الماء، وهكذا ذو القرنين الذى جعله الله حارساً على باب يأجوج ومأجوج وأغلق عليهم الباب لا يخرجون من بابهم إلا يوم القيامة، وكأن الله أوكله بحبسهم فى الدنيا ليبعث مرة أخرى ليفتح باب يأجوج ومأجوج فتكون علامات يوم القيامة تحققت.
ثم كان ختام التحدى اللغوى استخدام كلمة «تستطيع» ٣ مرات، و«تستطِع» مرة واحدة، و«اسطاعوا» مرة واحدة، و«استطاعوا» مرة واحدة، و«لا يستطيعون» مرة واحدة، وبهذا تكون السورة استخدمت ٣ حروف «ط س ع» فى ٦ كلمات مختلفة عن بعضها تماماً، ولكنها حروف واحدة، وسبحان الله، لذلك تحدى القرآن البشر بسورة الكهف أرقاماً وحروفاً تطبيقاً للآية «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا».. فعلاً يا ربّ إنها سورة عجيبة تضمنت آيات أعجب منها!.