لم تمثل عودة «منتدى الشباب» بشرم الشيخ قبيل منتصف يناير المقبل مفاجأة.. حيث قلنا مرات عديدة إن الدولة المصرية تتعامل مع «كورونا» باعتبارها «فاصلاً» سنواصل معه وبعده حياتنا الطبيعية.. وبدأت عملية «تطبيع» حياة المصريين مع الأزمة مبكراً بعد معرفة كينونة الفيروس وطرق التعامل معه من وقاية واحترازات وغيرها.. بعدها انتقلنا إلى التوازن بين حياة المصريين وبين مصالحهم الاقتصادية.. ونجح التوازن فى عودة الحياة إلى طبيعتها فى كل اتجاه.. وكأزمات كبيرة مرت على شعبنا لم توقف حياته ولا التنمية الهائلة التى تتم الآن وهكذا كانت «كورونا»، وكما عادت الحركة فى مشروع الطرق العظيم وكما عاد العمل فى المدن الجديدة المنتشرة بطول مصر وعرضها وكما عاد العمل فى الإسكان الاجتماعى والمليون ونصف المليون فدان وتنمية سيناء وإعادة تأهيل سكك حديد مصر وغيرها وغيرها من مشروعات كبيرة.. يعود «المنتدى»!
وحكاية المنتدى حكاية طويلة.. لم تبدأ فقط من حالة التيه التى كان عليها شباب مصر.. تتقاذفه أمواج عاتية تقذف به إلى كل الطرق غير الصحيحة.. تجارب شبابية منحازة إلى فصيل معين واتجاه بعينه يتم اختيارهم فى جامعات مصر وخارجها، بطريقة خسائرها، وخصوصاً على المدى البعيد، أكبر من أى مكاسب.. وهؤلاء أبناء هذه التجارب، وهذه التجارب ذاتها اختفت فى ٢٠١١ كما توقعنا، فلا هى قدمت كوادر لخدمة الوطن ولا حتى قدمت كوادر لدعم حزبها الحاكم! فى حين جذبت الدعوات الاحتجاجية قطاعاً من الشباب ووجّهته إلى الطريق الخطأ، فى حين استولت الأفكار المنحرفة على قطاع آخر وجرفته إلى حيث الإدمان والتغريب أو الهجرة وهاجمت السلبية ما تبقى منهم!!
وللأسف لم تقدم الأحزاب القائمة قبل التاريخ المشار إليه -ولأسباب عديدة ليس هنا وقتها- ما يشير إلى تجربة حزبية جديرة بالتوقف عندها.. ولم يكن بقاء الحال على ما هو عليه مقبولاً!! ولا ممكناً!!
ومع بداية عهد جديد لم يترك فئة من شعبنا إلا وكان لها مشروعها الخاص بها.. من المسنين إلى ذوى الاحتياجات الخاصة إلى المرأة كان أيضاً للشباب نصيب.. وللشباب -وبينهم أيضاً أهل الهمة وفتيات وسيدات- كان النصيب الأكبر من الحركة.. ومن الأفكار.. البرنامج الرئاسى.. أكاديمية الشباب.. تنسيقية شباب الأحزاب.. ومنتدى الشباب.. الذى انطلق -كباقى التجارب المشار إليها- بتوجه وطنى وليس سياسياً.. بمعنى التعامل مع كل شباب مصر دون النظر إلى انتمائهم السياسى.. باتفاق على مبادئ أساسية لا يختلف عليها حزب أو تيار.. وكانت البداية فى ٢٠١٦ حيث مؤتمر الشباب الأول وفيه تقرر فى إحدى توصياته أن يكون المنتدى من العام الذى يليه سنوياً وعالمياً وانعقد والحمد لله بالفعل المنتدى الأول فى ٢٠١٧ ثم ٢٠١٨ و٢٠١٩ توقف بسبب كورونا ويعود اليوم بقرار فى ٢٠٢١ لينعقد فى مطلع ٢٠٢٢ وربما تم تعويض المنتدى الفائت فى أواخر العام نفسه.. ٢٠٢٢!
يعود المنتدى وأحداث كثيرة -محلياً ودولياً- جرت وتجرى حولنا.. والتحام الشباب بالقيادة كان حتمياً.. وكذلك فهمه واستيعابه لأبعاد ما يجرى كان ضرورياً.. وتحويل كل ذلك من ندوات ومحاضرات ومناقشات وتوصيات كان أمراً لا بد منه.. خصوصاً أن التحديات تتزايد وستتزايد كلما اقترب شعبنا من جنى ثمار نضال السنوات السابقة التى دفع شعبنا ثمنها كبيراً من معاناة مع الجشعين والمستغلين إلى ضرائب أخرى من تضحيات كبيرة فى معركتنا مع الإرهاب قدمنا فيها أغلى ما نملك.. الدم الطاهر لأبناء مصر الأبطال البررة!
الآن.. تفتح إدارة المنتدى موقعه للتسجيل.. وهى الفرصة التى تتيح لكل من يرغب بالمشاركة أن يتقدم شريطة أن يقدم مؤهلات المشاركة من تفوق وتميز فى مجال ما.. وليس كالماضى أن يقدم «كروت التوصية» من فلان أو علان!
الآن.. تحصل الأحزاب على حصتها فى التمثيل.. وهكذا تحصل الجامعات المصرية.. وهكذا تحصل مديريات الشباب.. والآن جاء نصيب أبناء شعبنا من خارج هذه الأطر.. والأمل أن نجد مواهب وكفاءات وشباباً يجد فى المنتدى فرصته للانطلاق وخدمة وطنه وشعبه!
والاختبار من إدارة المنتدى موضوعى.. لا يعرف المحسوبية ولا المجاملة.. ولذلك فليتوكل من عقد العزم على الله.. ويرسل حيثيات ترشحه وينتظر.. ونتمنى أن تتزاحم المواهب والكفاءات.. فتلك ظاهرة صحية.. وفى كل الأحوال لم تترك إدارة المنتدى -فيما نعتقد- كفاءة واحدة دون رعايتها إن لم يكن هذه المرة ففى مرة تالية!
الآن.. سيتاح لجميع شباب العالم الذى ستخاطبه إدارة المنتدى بأدوات ووسائل تواصل يجيدها ويفهمها.. ولأن المنتدى سيكون نقطة الانطلاق ستعود فى وقت لاحق مؤتمرات الشباب، ليدب النشاط من جديد وتسرى الدماء فى شرايين الكتلة الشبابية المصرية التى نحتاجها ويحتاجها بلدنا.. ليستعد الجميع لمهام عديدة فى الشارع المصرى عموماً.. فجدول أعمال الوطن مزدحم.. وهذا أجمل ما فى القصة كلها!