السياسى المخضرم والأشهر «هلمت كول»، المستشار الألمانى، بعد إجرائه جراحة فى إحدى المستشفيات الألمانية شاهد شاباً بملامح عربية فى الثلاثينات من العمر فسأله عن جنسيته؟ فأجابه بأنه مصرى، فقال له «كول»: هل تتعلم عندنا؟ فقال لا بل جئت لتدريب وتعليم الأطباء الألمان، كان ذلك عام 1997، هذا الطبيب المصرى النابغة صاحب الواقعة حصل الأسبوع الماضى على جائزة التميز التاريخى والعلمى والوظيفى من الجمعية العالمية لجراحى المسالك والكلى، التى تضم فى عضويتها 15 ألف عالم، وذلك نتيجة لإنجازاته العلمية واختراعاته المتميزة، وما بين تخرجه عام 1982 وحتى حصوله على هذه الجائزة المرموقة نحو 40 عاماً حقق خلالها إنجازات عظيمة، حيث كان عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية للمسالك والكلى، ومسئولاً عن برنامج تدريب الأطباء والمنح التعليمية فيها لمدة 11 سنة.
كما كان رئيساً للجمعية العربية لأمراض المسالك والكلى لسنوات طويلة، ومخترعاً لجراحة نادرة مسجّلة باسمه عالمياً، وهى تخليق مثانة من الأمعاء بدلاً من المثانة المصابة بالسرطان، واختراعه هذا أنقذ حياة عشرات الآلاف من البشر على مستوى العالم، وهو حاصل على شهادتى دكتوراه من المنصورة وهولندا وماجستير فى إدارة المستشفيات من الجامعة الأمريكية، وله عشرات الأبحاث العلمية المرموقة عالمياً، وحاصل على جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية والتفوق وجائزة الطبيب الإنسان، التى يمنحها المرضى لأفضل طبيب يتعامل معهم بالرحمة والإنسانية، كما أنه تولى إدارة مركز الكلى بالمنصورة لمدة 9 سنوات، تلك القلعة الطبية المصرية العلمية العالمية المفتخرة، وحقق فيها إنجازات لا تُحصى ولا تُعد، وكان لا يرضى بما هو كائن، بل يبحث دائماً عما يجب أن يكون ويسأل نفسه ماذا يحدث فى العالم وينقصه فى المنصورة، ولذلك كان دائماً الأسبق والأفضل، وهذا الطبيب الجراح النابغة أسّس مدرسة طبية محترمة وأعطى علمه وخبرته لتلاميذه حتى أصبحوا نوابغ، وظل متفرّغاً لعمله الحكومى، لا يمتلك عيادة، ولم يحصل على جنيه واحد من مريض، وكانت بعض الدول الأوروبية تدعوه إلى إجراء جراحات المثانة المعقّدة، ثم تنقلها على الهواء بالفيديو كونفرانس ليتعلم منه الجراحون فى معظم مستشفيات أوروبا، تلقى عرضاً لا يُقاوم من جامعة كاليفورنيا الأمريكية -إحدى أهم جامعات العالم- التى أرسلت له خطاباً تقول فيه «يشرفنا أن تعمل معنا لأننا بحثنا فوجدنا أنك أفضل عالم فى هذا التخصص»، ولكنه رفض قائلاً إن فقراء مصر المرضى أولى من أغنياء أمريكا.
الطبيب النابغة كان رئيساً لجمعية عصر العلم، التى أسسها العالم الراحل أحمد زويل، وهو التلميذ النجيب للعالم الجليل محمد غنيم، بارك الله فى عمره، ورغم أهمية كل ما ذكرته عنه فى السطور السابقة، ولكن الأهم أنه نموذج للطبيب الإنسان ملاك الرحمة، الذى يتمتع بالأدب الجمّ والتواضع الرفيع والأخلاق العالية.
إنه العالم الجليل الأستاذ الدكتور حسن أبوالعينين، أستاذ ورئيس قسم جراحة المسالك البولية والكلى ومدير مركز الكلى الأسبق بجامعة المنصورة، رغم أن تعليمه كله حكومى، مدارس وجامعة، ونشأته ريفية تماماً، إلا أنه خرج من قاع المحلية إلى قمة العالمية بعلمه وعمله واجتهاده، وهو واجهة مشرّفة وفخر لمصر والعرب، وهذا ما يجب أن نُعلّمه لأطفالنا وشبابنا أن التعليم والبحث العلمى هو سبب استمرار الحياة وتقدّم الدول ورفاهية الشعوب، وأن العلماء هم الرمز والقدوة التى يجب أن تُحتذى، وأيضاً هم دون غيرهم نجوم المجتمع.