زواج الرجل بامرأة أخرى غير زوجته قمة الإهانة للزوجة والاستهانة بإنسانيتها. زواج الرجل بأخرى يعنى أنه إما يجهل أو يتجاهل تماماً بديهيات المعرفة بألف باء قيمة الإنسان. زواج الرجل بأخرى يعكس مكانة بالغة التدنى وثقافة رسخت وجذرت وقوت فكرة أن المرأة تابع ومواطن درجة ثانية وربما ثالثة أو «بدون» إن أمكن.
استمع عزيزى القارئ إلى لغة «رجل الشارع» أو الكثيرين منهم فى أحاديثهم اليومية عن النساء والفتيات. عينى فى عينك، هل تتعجب حين تسمع أحدهم يشير إلى أنثى باعتبارها «دى حتة بت لا طلعت ولا نزلت» «دى محتاجة حد يشكمها» «دى ماشية على حل شعرها» «سيبك منها دى ست مهبولة». صحيح قد يحب إحداهن بشدة سواء كانت أمه أو جدته أو بنت الجيران، لكنه يظل على قناعة تامة بأنها «حتة ست». هناك العديد من التفسيرات النفسية والاجتماعية لشعور بعض الرجال بأنهم أهم وأفضل من النساء لجرد كونهم ذكوراً. بعضها يعود إلى اعتبار القوة العضلية أهم ما يميز الإنسان، أو شعور بالنقص من حيث الذكاء أو تحقيق الذات فى مجال العمل، أو لعوامل خاصة بالتربية والثقافة التى تحرص على توريث فوقية الذكور ودونية النساء. حتى من يرتكن إلى حكاية «تكريم المرأة» عبر حمايتها من «عقلها الضحل» و«مشاعرها التى تجعلها أشبه بالطفل الأهوج» و«كونها مجموعة من الأشياء المثيرة للغرائز والشهوات فقط لا غير» يصب فى النهاية فى خانة «دونية المرأة» التى تستوجب حماية من سلطة فوقية ألا وهى سلطة الرجل أى رجل.
هذه ليست خناقة نسوية أو حتى حرباً تهدف إلى محو الرجال وتثبيت أقدام النساء. هذه محاولة لتوصيل صوت النساء، وهو الصوت الذى نجحت جوانب جامدة من الثقافة المتوارثة فى كبته وتهديده، ثم جاء التدين موديل السبعينات ليجثم على أنفاسه ويخنقه تماماً. نعم هناك وزيرات وسفيرات ومديرات.. إلخ، لكنْ هناك خطاب دينى متضامن مع موروث ثقافى «عمل قفلة» شديدة كقفلة الكهرباء حين تستحكم.
وحين استحكمت معركة زواج «بيج رامى» من أخرى دون علمها طفحت البالوعة المجتمعية بدواخلها دون رتوش أو جهود تجميلية. صحيح هناك أصوات نددت ولامت واستنكرت، لكن القاعدة الشعبية العريضة رفعت شعار «الشرع حلّلى». وحين يكون «الشرع» حجة فريق، فإن الفريق الآخر حتماً ولزماً ولابد يتقوقع ويجد نفسه فى خانة المعترض على الشرع عدو الله كاره الدين والمتدينين.
نساء ورجال هبوا عن بكرة أبيهم يدافعون «حلالى بلالى» وأنه طالما أن الرجل مستمر فى الإنفاق على الزوجة الأولى وأبنائه منها فلا يحق لها أن تفتح فمها اعتراضاً. لكن الحق يقال إن هناك البعض ضمن فريق «حلالى بلالى» من تعاطف مع الزوجة الأولى وتمنى لو كان الزوج أخبرها على الأقل!!
أقل ما يمكن أن يقال بالكلمات عن الزوجة التى يتزوج زوجها بأخرى هو أنها تتحول إلى شخص ميت ولكن بقلب نابض. الزواج بأخرى أشبه بإجبار الزوجة الأولى على لعق حذاء الزوج. فيه قهر وقمع وسفك لكرامتها. وللعلم فإن البعض من الرجال يتزوج بأخرى تحقيقاً لهذه الأهداف. والحقيقة أن القول بأن هناك زوجات يفضلن البقاء على عصمة الزوج بعد «قراره» نكاح أخرى حتى ينفق عليهن أو خوفاً من حمل لقب مطلقة.. إلخ هو كلام فارغ. والأكرم لكليهما أن يتم الطلاق ويخصص الزوج «الكريم» للزوجة حساباً تنفق منه على نفسها أكرم لها وله.
الزواج بأخرى قتل مع سبق الإصرار والترصد حتى إن دافع القتيل عن قتله.