بسهولة يمكن أن تعرف العنصر التكفيرى من شكله التنظيمى، من أفكاره، إلا أننا بسهولة سنميزه من خلال هديه الظاهر، أى مظهره الخارجى، الذى أصبح يتلبسه تماماً، وتتمحور عليه شخصيته ويتشكل به وعيه، ويحرص على عمله.
الهدى الظاهر، هو لباس شهرة لدى التكفيرى، وتميز طوال الوقت عن الآخرين فى جماعات الإسلام السياسى أو المجتمع، وهو يعكس الاقتباس الذى حصل عليه من أسلافه التكفيريين، لذا ففى الوقت الطبيعى يحرص على أن يلبس الجلباب الأبيض الفضفاض، الذى يعلو فوق الكعبين ما بين الشبر أو الشبرين، ويضع شالاً أبيض أو مُرقَّطاً لونه أحمر أو أسود على رأسه، إلا أنه يلقيه خلف ظهره، ولا يلقيه على كتفيه، حتى يختلف عن عضو جماعة التبليغ والدعوة، أو عنصر الجماعة الإسلامية، الذى يلفه ويلتحف به حول رقبته.
متجهم الوجه طيلة الوقت، متعالٍ على جيرانه وأصحابه، شديد على الرجال، ضعيف أمام الحريم، منعزل عن الحياة العامة بكل تفاصيلها.
فى وجهه يصر على إطالة لحيته، ووضع الكحل فى عينيه، بل ويفرط فى هذه المسألة، مع السواك الذى يضعه فى جيب جلبابه ويجعله فى الأغلب ظاهراً للعيان، ليتسوك به سواء فى الصلاة، أو حتى وهو يسير فى الشارع.
لا يفرق كثيراً شكل أو لون الحذاء الذى يلبسه، إلا أنه دائماً ما يلبس الخف داخل حذائه، ويجعله ظاهراً بشكل لافت للانتباه، بحجة أنه سنة مؤكدة.
يحرص على حمل مصحف صغير فى جيب جلبابه الأمامى، وأحياناً حقيبة صغيرة بها مجموعة من المجلدات، كما يحرص على أن يكون فى منزله مكتبة تحوى أمهات الكتب التراثية، التى تتعجب من عناوينها، وتتساءل: كيف يمكن لأى بنى آدم أن ينتهى من قراءتها فى يوم ما؟!
الكشكول الصغير الذى يعلو الحقيبة، يوهمك بأنه بحث متفرد ولا غنى عنه، مثل (حرمة أكل الدجاج الأبيض)، (الصواعق فى تحريم الملاعق)، (العدم فى تحريم كرة القدم)، (تذكير أولى الألباب بعدم وجود قشر ولباب)، وأغلبها عناوين مسجوعة، يعم فيها التحريم عن الجواز، والحرمة عن الحل، والترهيب عن الترغيب.
يكفر غالبية علماء الأمة الثقات، إلا أنه يؤمن بشخص واحد فقط، يراه عالم العلماء، ووريث الأنبياء، إنه سيد قطب.
وفى بيته لا بد أن ترى على أحد رفوف حجرته كتاب الموافقات للشاطبى، ومجموع الفتاوى لابن تيمية، وفتح المجيد لمحمد بن عبدالوهاب، وظلال القرآن لسيد قطب.
يشغل نفسه بمسائل عفى عليها الزمن، فهو يقرأ عن المرجئة، ويتحدث عن المعطلة، ويبحث الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة، ويتعصب لمسألة خلق القرآن، ويكتب فى الأسماء والصفات، ويدرس فتح المجيد، ومعارج القبول فى شرح سلم الوصول لعلم الأصول.
يشد جسده أثناء الصلاة ويفتح رجليه ويضم يديه بقوة على صدره ويطيل فيها إلى ما يشاء الله، يلحن فى قراءة القرآن، وإن كان حسن القراءة فهو يتقعر ويفرط فى القلقلة والإدغام فى أحكام التلاوة.
يحرص على الحضور مبكراً لحضور درس لتكفيرى مثله فى علم مصطلح الحديث دراية ورواية، ومقدمات فى أصول الفقه، وشرح فتح المجيد.
يتمحور حول شيخه، ويقاتل من أجل فتوى يحرم فيها الغناء والموسيقى، أو التصوير الفوتوغرافى، فهو يقلد ولا يرى غير هؤلاء، فكل العلماء لديه ساقطون، وكل المؤسسات الأسرية والمجتمعية لا طائل من ورائها.
السلفى متقوقع، يتميز بالانطواء، لا يتعامل سوى مع مثله، من نفس فصيلة الدم.
فى الأغلب سيختار بيتاً منعزلاً عن كل المدينة، ولا يكمل تعليمه، ولا يعمل فى وظيفة حكومية، لأنها وفق رأيه مؤسسات جاهلية!
ورغم أن النقص العلمى وعدم الاتزان الفكرى هو سمة لا تفارقه، فإنه دائم التجرؤ والطعن فى العلماء، والتشنيع على المخالفين، بل ويفتعل الخصومات مع كل مخالفيه، ويتجرأ على الفتيا فى أى موضوع، بحجة أنه مقلد، أى وصل لدرجة التقليد فى العلم، ومنهم من يقول إننى (مجتهد مسألة)، أى مختص فى مسألة من مسائل الدين.
فى وقت الأزمة والحصار له ولأمثاله تراه يتخلى عن كل شىء.. مثلنا.. يعيش بيننا.. مواطن طبيعى بالنهار، لكنه ذباح وقتَّال يريد أن يفتك بالجميع بالليل.