مرة أخرى تعود أخبار فيروس كوفيد لتتصدر عناوين الأخبار فى كل وكالات الأنباء على ظهر هذا الكوكب.. وتصبح حديث الساعة عبر وسائل التواصل الاجتماعى مجتمعة.. لم نكن قد نسيناه بعد، ولكننا كنا نأمل أن ننجح فى التعايش معه.. وأن نمارس الحياة التى عرفناها قبل أن يظهر للوجود.. الضجة هذه المرة كانت بسبب ذلك المتحور الجديد المسمى «أوميكرون»، الذى ظهر فى دول جنوب القارة الأفريقية ليثير الفزع من جديد! التحور الذى حدث هو الخامس الذى تم رصده منذ أن ظهر الفيروس منذ أكثر من عامين.. لا يمكن أن تقنع الفيروسات ألا تتحور.. هى صفة متأصلة بها.. ولكن بعض التحورات تخلق نسخاً أكثر انتشاراً وأكثر شراسة مثلما يفترض العلماء فى هذه النسخة.. فضلاً عن الرعب الذى يجتاح العالم من فشل اللقاحات الموجودة فى منع انتشاره، أو على الأقل تخفيف حدة أعراضه..!
العالم سارع بغلق أبوابه فى وجه الدول التى ظهر بها هذا المتحور.. ولكن الأمر يبدو أنه لم يفلح بشكل كامل.. فحالتان فى بريطانيا وحالة بلجيكية تم رصدها خلال الأيام القليلة الماضية.. ما يعنى أنه بصدد الانتشار ليكرر كل ما حدث مرة أخرى..!
المشكلة أن ظهور السلالة الجديدة يعد مؤشراً حقيقياً على نقص اللقاحات وغياب عدالة التوزيع فى أنحاء كثيرة من العالم.. يتحدث المسئولون فى تحالف اللقاحات العالمى «جافى»، المسئول عن مبادرة «كوفاكس»، أن «أوميكرون» ظهر فى دول جنوب القارة السمراء حيث يقل معدل البالغين الذين تلقوا اللقاح عن ٣٠٪.. تدرك فداحة الخلل حين تعرف أنه على سبيل المقارنة أن أكثر من ٨٠٪ قد تم تلقيحهم بالكامل فى دول الاتحاد الأوروبى..!
نظرية طريفة جديدة تبناها بعض العلماء أن انحساراً مفاجئاً للوباء سيحدث فى وقت ما.. تماماً مثلما حدث لوباء الإنفلونزا فى عام 1957، الذى قتل أربعة ملايين شخص.. ووباء إنفلونزا هونج كونج فى عام 1968، الذى قتل ثلاثة ملايين شخص.. كلاهما اختفى بنفس سرعة ظهوره دون سبب محدد!!
نظرية أخرى -أكثر واقعية من وجهة نظرى- ظهرت من خلال دراسة أعلنت عنها جامعة أطلنطا فى الولايات المتحدة الأمريكية عبر مجلة «ساينس» العلمية الشهيرة.. تتوقع الدراسة أن فيروس كورونا سيتوطن من خلال التحورات والطفرات التى تحدث به كل يوم.. أى إنه سيظهر فى مناطق محددة فقط من العالم.. وستنتهى حالة الرعب التى تسبب فيها خلال أشهر قليلة..!!
تظل كلها نظريات تبحث عن أسانيد علمية قوية.. وننتظر نحن أن تتحقق لنتخلص من هذا الكابوس.. بينما يظل المؤكد الوحيد أن اللقاح هو السبيل الأمثل لإقناع الفيروس أن يخرج من أجساد البشر بشكل كامل.. وبالتالى يتوقف عن التحور.. ويختفى فى هدوء..!
فى مصر تبقى إتاحة التطعيمات بشكل واسع وسريع هى الضمانة الأهم لعدم توطن الفيروس بها حال صحت تلك النظريات.. ويبقى التشجيع على تلقى اللقاح لكل الفئات، واستحداث آلية لإلزامية اللقاح هى أضمن وسيلة للنجاة المبكرة.. الأمر يسير بشكل أفضل بكثير فى الأيام الأخيرة.. لقد تم خفض سن تلقى اللقاح.. ووافقت الحكومة على جرعة معززة للفئات الأكثر عرضة للإصابة مثل القطاع الطبى وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن.. ليبقى التحدى الأهم أن يقتنع الناس أننا نسابق الزمن حرفياً لننجو..! «أوميكرون» سبب فزعاً جديداً فى العالم كله.. فزعاً أعاد للأذهان أيام كوفيد الأولى.. الفارق الوحيد هذه المرة أننا ندرك الحل.. بل ونملكه بين أيدينا.. فقط نحتاج أن نؤكد على استخدامه بأقصى سرعة.. لنتخلص من هذا الكابوس الذى جثم على الأنفاس أكثر من اللازم.. أو هكذا أعتقد!!