يجب أن نعترف بأن حياتنا تغيرت بالكامل، لا يهم التحورات الجديدة التى طرأت على فيروس كورونا، سواء كانت بالسلالة الجديدة «أوميكرون» التى تثير قلق العالم وانزعاجه، أو دلتا أو بيتا أو ألفا أو أياً كان، هى مجرد أسباب لاستمرار الجائحة التى ضربت العالم واستطالت وهى تدخل عامها الثالث، بدأنا نفقد الأمل من أن يندثر هذا الوباء الذى غير معالم الحياة، وأثر فى سلوكنا، فأصبحنا أسرى فى مملكة كورونا، عالم مخيف لا نكاد نلتقط فيه الأنفاس، حتى يفاجئنا بالأشرس ينقض علينا ويتحايل على مقاومتنا.
كان الأمل معقوداً على اختفائه من تلقاء نفسه عندما تتناسخ سلالات أقل حدة وأكثر ضعفاً بحسب توقعات العلماء لمثل هذه العائلة من الفيروسات، انتظرنا.. لكن الانتظار طال، وبدلاً من اختفائه يتبدل ويظهر فى حلة جديدة تقاوم الفناء، وتولد معه خصائص النجاة.
ما زالت اللقاحات رغم أهميتها غير قادرة على مجابهته كلياً، والأكيد أن العالم دخل فى دائرة الأوبئة المتتالية إن لم يكن «كورونا»، فهناك المزيد منها التى تنذر العالم بالانتشار والتمدد، بعد أن أطلقت منظمة الصحة العالمية إنذارها بقدوم أوبئة جديدة أكثر خطورة إذا لم ننتبه إليها، مثل حرب المضادات الحيوية الأشد فتكاً بالبكتيريا النافعة فى أجسامنا والمقاومة لها.
ترى هل كانت تلك الأزمات بعيدة عن توقعات العلماء قبل الجائحة وانتبهوا إليها على حين غرة؟! أم بدأت تظهر ملامحها مع التغيرات المناخية والبيئية، وكان انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة أحد مكوناتها؟
بعيداً عن المخاوف الطبية من الخصائص المخيفة للمتحور الجديد، التى جرى تداولها، فإن ظهور هذا المتحور فى هذا التوقيت، يثير أشجاناً وأحزاناً وهموماً، رسّخها فيروس كورونا، ورافقت الناس منذ ظهوره قبل عامين، وتحولت فيها حياة كثيرين منهم إلى سجن كبير، كما فقد خلالها كثيرون أيضاً أحباءهم، وبظهور هذا المتحور الجديد، بدا للناس فى بقاع العالم المختلفة، أن فاجعة كورونا تبدو بلا نهاية، إذ يطرح ظهور المتحور الجديد، أسئلة بالنسبة للمجتمعات العلمية، وللناس العاديين على حد سواء، حول ما إذا بتنا نعيش عصر الفيروسات المتحورة عن كورونا بلا نهاية؟
فبعد صبر طويل، وبعد حصول الناس على العديد من اللقاحات ضد الفيروس، ها هو متحور جديد يظهر! يقول العلماء إنه مختلف تماماً عما قبله، وإن كل اللقاحات التى تلقاها الناس فيما سبق، ربما لن تجدى معه نفعاً. ويبدو الناس فى كل مكان من العالم، بعد عامين من المعاناة بفعل «كورونا»، وهم يكافحون ندوباً نفسية عميقة، جعلت الكثير من دول العالم تخصص برامج دعم نفسى، لمواجهة التداعيات النفسية للوباء، لكن ظهور متحور من هذا القبيل، ربما يؤدى إلى انتكاسة فى حالات كثيرين ممن يعانون نفسياً، بسبب استطالة أمد الأزمة، فلم نكد نتلمس خطانا الأولى نحو الانطلاق والانتشار، وعودة الحياة، حتى عاد شبح الإغلاق من جديد يطارد الدول، انهارت البورصات العالمية، وانخفض سعر النفط، ولاح فى الأفق انكماش الاقتصاد وتضخمه بشكل مفزع، بانهيار أسواق المال والتجارة، متزامناً مع زيادة معدل البطالة، وارتفاع الأسعار بشكل جنونى على مستوى العالم، وكل مَن لديه حلم يريد تحقيقه سواء فى العمل أو الانطلاق والسفر والاستثمار، تأجل دون موعد محدد، بسبب القيود المفروضة خوفاً من الانتشار، وعاد الإحباط والضيق يغزو حياتنا مع هذه الإجراءات التى لم تعد استثنائية أو مؤقتة.
الناس ضاقت ذرعاً بكل ما يتعلق بكورونا، من التدابير لتقييد الحركة، إلى المخاوف والقلق، فى وقت يطرح فيه المتحور الجديد «أوميكرون» تساؤلات حول متى يكون هناك ضوء فى نهاية النفق يؤذن بانتهاء المأساة؟!