«مو هو أحد أفضل أصدقائى هنا، دائماً عندما أريد شيئاً، كان دائماً موجوداً لمساعدتى، لا أريد أن أتحدث عنه كلاعب، إنه رائع، لكن كشخص هو أحد أفضل الأشخاص الذين قابلتهم فى حياتى».. هكذا تحدث اليونانى «كوستاس تسيميكاس» الظهير الأيسر لفريق ليفربول الإنجليزى عن النجم المصرى العالمى محمد صلاح خلال المؤتمر الصحفى الخاص بمباراة فريقى ليفربول وميلان فى دورى أبطال أوروبا.
وقبل عامين تقريباً أدرجت مجلة تايمز الأمريكية محمد صلاح ضمن قائمة الشخصيات المائة الأكثر تأثيراً لعام 2019، وحينها صرح مدرب فريق ليفربول «يورجن كلوب» قائلاً «إن صلاح مسلم ويعيش فى عالم ينظر فيه البعض إلى الإسلام باعتباره مصدر خطر»، وأضاف «لحسن الحظ بيننا الآن شخص مفعم بالفرح والحب ويقوم بما يتطلب منه دينه.. إنه مؤثر جداً وإذا كان لصلاح تأثير على المستوى العالمى فهذا أمر جيد».
فى شهر يونيو عام 2019 نشرت كل وكالات الأنباء العالمية الدراسة التى قامت بها جامعة ستانفورد الأمريكية لحساب مركز سياسة الهجرة ومقره زيوريخ بسويسرا، التى انتهت إلى أن وجود مشاهير ناجحين من أبناء الفئات والأقليات المهمشة التى تتعرض للتمييز فى المجتمعات الأوروبية يسهم إلى حد كبير فى الحد من النظرة السلبية لهذه الفئات والتحيز ضدها.
وقدمت الدراسة مثالاً على ذلك بالأثر الإيجابى الذى تركه المصرى محمد صلاح فى أوساط مشجعى نادى ليفربول، وأشارت إلى أن «مو» لا يُخفى إسلامه، ولطالما سجد فى الملعب بعد تسجيله أهدافاً خلال مباريات فريقه.
ولفتت الدراسة أيضاً إلى ما أظهرته بيانات شرطة ليفربول عن تراجع جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 18.9% بعد انضمام «صلاح» إلى الفريق.
واستعرض فريق الدراسة 15 مليون تغريدة لمشجعى فرق الدرجة الأولى من الدورى الإنجليزى، وبعد دراستها وتحديد المعادية منها للإسلام تبين أن عدد مشجعى نادى ليفربول الذين كتبوا تغريدات معادية للإسلام وللمسلمين أقل بنسبة 53% مقارنة بالفترة التى سبقت انضمام محمد صلاح إلى النادى، وبعد مسح شمل 8060 من مشجعى النادى لمعرفة مدى تأثير وجود محمد صلاح فى صفوف الفريق على سلوكهم وموقفهم من تحيزهم ضد الآخرين، أظهرت النتائج أن وجود «صلاح» قد حدَّ من تحيز المشجعين ضد المسلمين وجعلهم أكثر تفهماً للإسلام، كما ساهم اطلاع من شملهم المسح على الطقوس الدينية التى يمارسها محمد صلاح فى زيادة نسبة من يعتقدون بأن الدين الإسلامى ينسجم مع التقاليد البريطانية بنسبة 5%.
وعن «تأثير محمد صلاح فى السلوكيات والمواقف الغربية المعادية للإسلام» نشرت جامعة كامبريدج البريطانية مؤخراً فى نوفمبر الماضى، دراستها التى اعتمدت منهج رصد وتحليل البيانات الخاصة بتقارير جرائم الكراهية فى أرجاء المملكة المتحدة، وكشفت أن انضمام «صلاح» إلى أروقة الفريق الإنجليزى فى صيف 2017، وقيادته للفوز ببطولة دورى أبطال أوروبا للمرة السادسة عام 2019، بعد غياب استمر 14 عاماً، أدى إلى تراجع تدريجى فى عدد من مؤشرات ظاهرة الإسلاموفوبيا، التى تعنى الخوف من -أو كراهية- الإسلام والمسلمين، بما يستتبع ممارسات عدائية ضدهم، وذلك على مستوى مقاطعة «ميرسى سايد»، التى تتبعها مدينة ليفربول.
فمن جهة، تم رصد تراجع بنسبة 19% فى معدل جرائم الكراهية ضد المسلمين على مستوى المقاطعة، التى كانت تشهد 936 جريمة كراهية قبل مجىء النجم المصرى إليها، وفى الوقت نفسه لم يتم تسجيل انخفاض مشابه فى أنواع الجرائم الأخرى.
وانطلاقاً من مخرجات تجربتها الاستقصائية، اهتدت الدراسة إلى أن نجاح محمد صلاح فى تقديم هويته الإسلامية للبريطانيين بطريقة مقنعة، حملهم على تعميم مشاعرهم الإيجابية تجاهه لتطال غالبية المسلمين.
انتهت الدراسة إلى أن النماذج الإيجابية التى تقدمها شخصيات عامة أجنبية فى الدول الغربية، يمكن أن تسهم فى تغيير اتجاهات وسلوكيات شعوب هذه الدول وصورها الذهنية النمطية السلبية إزاء ثقافات ومجتمعات البلدان الأصلية لتلك الشخصيات. كما يمكن لنجاحات المشاهير أن تساعد فى إضفاء الطابع الإنسانى على المجموعات البشرية، التى تتعرض للتمييز، وبمقدورها زيادة التسامح، وكبح جماح التعصب والسلوك المتحيز، خصوصاً عندما يكون النجوم الوافدون مساهمين إيجابيين فى تحقيق هدف قومى مشترك بالبلد الذى يقطنونه.
وأخيراً.. بعد كل هذا يبث الأنطاع سمومهم فى عقول العامة بأن «صلاح» لم يقل صراحة بأنه لا يشرب الخمر لأنها حرام!.. ولكل هؤلاء الأنطاع نكرر سؤال شاعرنا الكبير جمال بخيت الذى سيظل مطروحاً دائماً: دين أبوكم اسمه إيه؟.