الحفل الذى أقيم منذ عدة أيام فى مركز المنارة للمؤتمرات، تحت عنوان «قادرون باختلاف»، والذى حضره السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، لم يكن مجرد احتفالية تقليدية تبدى فيها الدولة المصرية، ممثلة فى رئيسها، مدى اهتمامها بشريحة مهمة فى المجتمع، أو استعراضاً سياسياً واجتماعياً كما تعودنا من قبل، لكنه يمثل نقلة حضارية على مستوى الدولة ومستوى الأفراد تشير لتطور الوعى والإدراك لأهمية استيعاب ذوى الهمم فى المجتمع.
ربما يدرك الكثيرون كيف كان ميلاد طفل أو طفلة من أصحاب الهمم عبئاً ثقيلاً على أى أسرة، وقد يعتبره البعض ابتلاءً لهذه الأسرة، لكن النماذج الإنسانية التى شاهدنا وغيرها كثير، تشير للتطور الكبير والوعى الواضح للأسر المصرية التى أصبحت تناضل من أجل أن ينعم هؤلاء الأبناء بحياة شبه طبيعية، يتعلمون فيها ويمارسون الرياضات والهوايات المختلفة، وكيف أن هؤلاء يحملون قلوباً نقية ونفوساً راضية، ربما لا يحملها الكثيرون.
كما لفت نظر كل من شاهد هذا الحفل الإنسانية والمشاعر المرهفة من الرئيس لهؤلاء الأطفال، واستجابته بتلقائية شديدة لأمنياتهم التى قد تبدو بسيطة، وتحقيقها على الفور، وهو ما تحقق بالفعل بعد وقت قياسى.
أما الأجمل فهو ذلك الحوار الدافئ الذى جرى بين هؤلاء الملائكة والرئيس بتلقائية وود شديدين، والتفاف الأطفال حوله بحب غير مصطنع أثناء إلقاء كلمته، كل هذه المظاهر التى لمست القلوب بلا تكلف أو اصطناع وصلت لقلوب المصريين، فهؤلاء لا يكذبون ولا ينافقون ويتصرفون بعفوية قابلها الرئيس بمنتهى الإنسانية التى قدّرها وثمّنها الملايين من المصريين.
وراء كل طفل من هؤلاء الأطفال وغيرهم ممن تجاوزوا مرحلة الطفولة قصة كفاح وتصميم لأسر تكبدت الكثير من العناء للوصول بأبنائهم لمراحل قد تمنحهم بعض الطمأنينة لهؤلاء الأبناء أصحاب القلوب النقية التى لم تلوثها أطماع الحياة الطبيعية، ووراء كل واحد من هؤلاء قلق وخوف على مستقبل مجهول، فلا يعلم سوى الله مصيرهم فى غياب الآباء والأمهات الذين يظلون طوال حياتهم يسعون للحفاظ على حقوق وكرامة وسلامة هؤلاء الأبناء، لكن يظل السؤال الذى يدور فى أذهان ذويهم: كيف سيواجه هؤلاء الحياة دون أب أو أم يحقق لهم الحماية؟ من سيرعى هؤلاء بعد أن نتركهم؟
إنها أسئلة شديدة الصعوبة، خاصة فى ظل الظروف التى تعانيها الدولة المصرية، وهو ما يجعلنا نتردد كثيراً حين نطالبها بإيجاد حل معقول لهؤلاء الأبناء، أو كما قال الرئيس إنهم الكنز، فكيف يمكن أن نحافظ على هذا الكنز؟ كيف نحميهم من غدر الزمن وقسوة الحياة وممن لا يملكون ضميراً حياً، وربما يكونون أقرب الأقربين؟
الحقيقة أننى لا أملك إجابة محددة، لكن من المؤكد أن أساتذة القانون وعلم الاجتماع ونشطاء المجتمع المدنى لديهم تصور، وحتى لو بحثوا فى هذا الأمر مجتمعين لاستطاعوا إيجاد صيغة مرضية لآلاف الأسر الذين يؤرقهم مستقبل أبناء لا يعرفون من يحميهم بعد الله ويحفظ حقوقهم. حينها سيكون الاحتفاء بهم وبأمنهم له مذاق آخر.