نظارة «جوجل» وساعة «أبل».. «محطة زواج» بين الأضداد
حينما طرحت «أبل» منتجها الإلكترونى الجديد القابل للارتداء وحمل الاسم التجارى «ساعة أبل»، رأت فيه الغالبية الساحقة من المستخدمين مجرد إكسسوار جديد يمتلك خاصية «الذكاء فى العمل» التى تجعله يتجاوز مجرد عرض الوقت، إلى وظائف أخرى تتسم بقدر من التفاعلية والأخذ والرد والتذكر والتنبيه وخلافه، وهذا جانب واحد من الصورة، أما الجانب الآخر فتبدو فيه ساعة «أبل» كمحطة للزواج بين صناعات عتيقة عملاقة واسعة الانتشار حول العالم تقدم أدوات أنيقة وجذابة فى تصميمها، لكنها «سطحية تقليدية غبية» فى أدائها، وصناعات أخرى فتية وعصرية ومتطورة تقدم منتجات حادة الذكاء، وقبيحة المنظر، وليس بينها وبين الموضة والشياكة أية علاقة.
تلفت ساعة «أبل» ونظارة «جوجل» وأشباههما الانتباه إلى ما يجرى من تقارب وأحياناً تنافس وصراع بين عوالم مختلفة فى مجال الصناعة والبحوث والتطوير؛ فساعة «أبل»، شأنها فى ذلك شأن نظارة «جوجل»، خرجت من رحم صناعات الإلكترونيات والبرمجيات والمعلوماتية والإنترنت، وتعبر بالأساس عن فكرة اختراع أجهزة وحاسبات وإلكترونيات ذكية جداً وجديدة تماماً بغرض ارتدائها.
فى المقابل، هناك عشرات المنتجات التى خرجت من رحم صناعات تقليدية، كصناعة الساعات والأدوات الرياضية والأجهزة الطبية، والمجوهرات والإكسسوارات وخلافه، مما يتم ارتداؤه بالفعل، وبدأت تبدل وتغير شخصيتها وتتجه نحو «اكتساب الذكاء» عبر حصولها على قدرات «حوسبة» وذاكرة، وقدرات معالجة وإرسال واستقبال للمعلومات والبيانات، لتحقق قدراً أعلى من التفاعلية بينها وبين من يرتديها.
فى المنتصف، تقف شركات صناعة الشرائح الإلكترونية الدقيقة لتزود الطرفين بما يحتاجانه من أساسيات تمنح الذكاء، ومن أهمها شركة «إنتل» التى تعد أكبر صانع للشرائح الإلكترونية الدقيقة عالمياً، وتمتد قائمة زبائنها لتشمل «أبل» و«جوجل»، جنباً إلى جنب مع شركات إنتاج الساعات والإكسسوارات والمعدات الرياضية والطبية.
تجلت فكرة التزاوج بين «الغباء والأناقة» بأوضح ما يكون خلال منتدى مطورى «إنتل» السنوى لعام 2014، حينما عرض المدير التنفيذى للشركة قطعة قبيحة التصميم من المعدن ولوَّح بها للحضور، ولم تكن هذه القطعة القبيحة سوى الشريحة الإلكترونية الدقيقة المحمل عليها برمجيات متقدمة، لتشغيل سماعات حيوية رياضية تُستخدم فى الكثير من الأغراض للرياضيين، وكانت ثمرة تعاون بين «إنتل» وشركة «إس إم إس» للسمعيات، وبعدها التقط مدير الشركة علبة أنيقة بداخلها سوار معصم مصمم على أحدث خطوط الموضة، موجه لسوق الإكسسوارات ذات الرفاهية العالية، ولم يكن هذا السوار سوى الجزء المكمل والشكل الخارجى للسماعة الحيوية الإلكترونية الذكية ذات الشكل القبيح، بعدما جرى تغليفها فى تصميم جذاب كمنتج نهائى.
هناك أيضاً المشبك الذكى الذى يدار بواسطة شريحة دقيقة مصممة فى «إنتل» وصممه أحد خبراء الموضة فى «نايمكس»، وهو مصمم ليعمل بتقنية الانبعاث الضوئى، الذى تتغير كثافته طبقاً لما يحدث من تغيرات فى كهربية المخ ونبضات القلب.
أطلقت «إنتل» على سماعتها اسم «ميكا»، وقالت إنها ستباع فى محلات التجزئة التى تعرض الإكسسوارات الفاخرة، وتم تصميمها بالمشاركة مع أحد بيوت التصميم والموضة، وتعد أحد الأمثلة الرئيسية الدالة على أن «إنتل» تأخذ مدخلاً نحو سوق الحاسبات والأدوات القابلة للارتداء الوليدة، يختلف تماماً عمَّا تفعله شركات مثل «أبل» أو «سامسونج»؛ فهذه الشركات تصمم البرمجيات والعتاد الخاص بالأدوات التى تبيعها، فى حين أن «إنتل» تدخل هذا المجال من خلال بناء الشرائح الدقيقة وتصميم النماذج الأولية التى تساعد شركاءهم على سرعة طرح منتجاتهم.
من جهة ثالثة، تسعى شركات مثل «فوسيل» و«تايمكس» وغيرهما من الشركات المتخصصة أصلا فى صناعة الساعات إلى إضفاء المزيد من الذكاء على ساعاتها وأجهزة قياس الوقت التى تنتجها، فيما كانت بيوت الموضة والحلى تبحث عن الفرص الكبرى الكامنة فى تسويق شارات وقلادات ذكية للمتسوقين، وحتى سماعات الأذن والتيشرتات أصبحت مزودة بمستشعرات وحساسات ترصد وتقوم بتتبع مستويات اللياقة وتقرأ نبضات القلب، وكانت المشكلة أن أياً من الشركات التقليدية فى هذه الأسواق تستطيع تصميم وتصنيع الأدوات القابلة للارتداء والعمل بمنتهى الأناقة والجاذبية.