هناك جانب مظلم فى بنيان جماعة الإخوان الإرهابية، يدفع كل من لا يراه للتهوين من شأن هذا التنظيم الدموى -وليس الدعوى كما يحسبه البعض- ويكاد الخطأ يتكرّر بعد كل هزيمة للجماعة داخل مصر، وما زال بيننا من يعتقد أن الجماعة ذهبت بلا رجعة بعد الضربة القاصمة التى تلقتها بثورة المصريين على حكم المرشد عام 2013، وبالتالى فإنه ليس من الضرورى استمرار الهجوم عليها حتى الآن بمنطق «أن الضرب فى الميت حرام»، وما يدعو إلى القلق أن هذا المنطق لا يقف عند حدود العوام، لكنه يسيطر على أذهان عدد غير قليل من نخبة المثقفين والسياسيين، ومن بينهم الرافضون والمعارضون تاريخياً للجماعة.
الصورة الواضحة تماماً الآن تكشف أنه ومنذ ثورة 30 يونيو سقطت الجماعة فى مصر، وانهارت أدواتها النشطة، سواء كانت إعلامية أو دعوية أو حتى سياسية، وهى أدوات وأذرع من طبيعتها الظهور والنشاط العلنى بغرض الترويج لأفكار الجماعة والتأثير فى عدة دوائر حيثما توجد الجماهير فى المساجد والزوايا والشوارع والنقابات والمدارس والجامعات وغيرها.
ويبقى الجانب المظلم الذى يجب تسليط الضوء عليه حتى لا ينزلق البعض -ولو بحُسن نية- فى فخ النسيان والتسامح مع أحد أخطر التنظيمات الإرهابية على وجه الأرض.
هذا الجانب المظلم يتمثل فى التنظيم الدولى للإخوان الذى انتقلت إليه القيادة بعد سقوط الجماعة فى مصر، ويسعى بكل ما يستطيع لامتصاص الضربات المتتالية، والحيلولة دون نهاية الجماعة رغم كل الضغوط، ويستحضر كل تكتيكاته وخططه المعدّة سلفاً.
قيادات «التنظيم الدولى للإخوان» على قناعة تامة بإمكانية تجاوز هذه المرحلة الصعبة، اعتماداً على ما يتلقاه من دعم مالى وسياسى من بعض القوى الدولية، باعتباره إحدى أهم أدواتها للتحكم فى المنطقة.
ويعتمد التنظيم الدولى للإخوان على عدد كبير من الكيانات والتنظيمات الفرعية التى تنفّذ مخططاته فى كثير من دول العالم، من بينها «المعهد العالمى للفكر الإسلامى»، ومنظمة «كير الإسلامية الأمريكية»، و«اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» و«الجمعية الإسلامية الأمريكية»، و«المجلس الثورى» بتركيا، و«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، و«معهد الفكر السياسى الإسلامى» فى لندن، و«الاتحاد الإسلامى» فى الدنمارك.
بدأت الجماعة تأسيس تلك الكيانات والأذرع الإخوانية منذ أواخر ستينات القرن العشرين، من خلال اتحادات الطلاب المسلمين بالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، مستهدفة التغلغل فى داخل المجتمعات هناك، كما بدأ تدشين مؤسسات دولية أخرى، من بينها اتحاد الأطباء المسلمين عام 1967، واتحاد الأطباء والمهندسين الإسلاميين عام 1969، واتحاد العلميين الاجتماعيين الإسلاميين عام 1972، كما دشّن الإخوان الوقف الإسلامى فى أمريكا عام 1973، والجمعية الطبية الإسلامية، ورابطة الشباب المسلم العربى، والشباب المسلم فى أمريكا الشمالية، وتتضمّن قائمة الكيانات الإخوانية بالخارج أيضاً، المعهد العالمى للفكر الإسلامى ويتّخذ من الإصلاح الفكرى والمعرفى مظلة لوجوده، وله فروع بأمريكا وجميع أنحاء العالم.
وفى عام 1984، عقد الإخوان فى ألمانيا الغربية أحد أكبر مؤتمراتهم فى الخارج، وتوالى بعده انتشار الكيانات الإخوانية فى عدد من الدول الغربية، لتشمل عشرات المنظمات ودور العبادة فى كل من بلجيكا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا والنمسا وهولندا والنرويج وغيرها، وبعدها أسست الجماعة الرابطة الإسلامية فى بريطانيا، وعشرات المنظمات الأخرى، من بينها مبادرة المسلم البريطانى، والمنظمات الإسلامية للإغاثة، والمجلس الأوروبى للإفتاء والبحوث، واتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، بالإضافة إلى الجمعية الإسلامية فى ألمانيا، التى أصبحت واحدة من أهم المنظمات الإسلامية هناك.
ومن أهم أذرع التنظيم الدولى للإخوان يتصدّر اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، وهو بمثابة اتحاد فيدرالى، ويستمد «التنظيم» قوته من شبكة تضم أكثر من 200 جمعية تغطى مختلف ميادين الحياة الاجتماعية فى أوروبا.
وللحديث بقية..