فى أغسطس من العام الماضى نظم مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات (وهو مركز إماراتى مهتم بدراسة جماعات التأسلم السياسى) ندوة لمناقشة الكتاب الخامس من موسوعة الإخوان المسلمين بعنوان «التنظيم الدولى للإخوان.. شبكات التأثير والنفوذ فى العالم».
ومن بين ما تناولته الندوة كان وجود وتأثير التنظيم الدولى للإخوان فى أوروبا، وكشف المشاركون أنه لا توجد فروع لجماعة الإخوان مستقلة عن التنظيم الدولى للجماعة كما تدّعى هذه الفروع، وأكدوا أن التنظيم الدولى للإخوان يتعارض مع الأسس اللازمة لبناء الدولة الوطنية الحديثة، وأن الخطاب السياسى للإخوان تغير بشكل كبير فى أوروبا من الخطاب الدينى إلى خطاب تبرز فيه عقدة الإسلاموفوبيا والظهور فى مظهر أن الإسلام والمسلمين هم ضحايا لكراهية الأوروبيين، كما أن جماعة الإخوان تحاول الوصول لقلب المجتمعات الأوروبية والحصول على القبول بالترويج للإسلاموفوبيا، وبالفعل نالت الجماعة تأييداً ملحوظاً، خاصة فى أوساط اليسار الأوروبى وبعض الكنائس هناك، وانخدعت بعض الجامعات المرموقة فى الولايات المتحدة الأمريكية بما يروجه الإخوان، ومن بينهم جامعة جورج تاون الأمريكية.
وخلال الندوة قال الدكتور رمضان أبوجزر، مدير مركز بروكسل الدولى للبحوث فى بلجيكا، إن التنظيم الدولى للإخوان استطاع خداع المجتمعات الأوروبية والتغلغل داخل مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات الرسمية داخل أوروبا من خلال خطاب المظلومية.
وفى بلجيكا حذر «كوين ميتسو»، عضو البرلمان، من تنامى الخطر الإخوانى على بلاده، وطالب السلطات الحكومية بحظر الجماعة وإعلانها تنظيماً إرهابياً.
وفى مقال له نشره مؤخراً كشف «ميتسو» أن الجماعة تتخفى وراء منظمات ذات أهداف متباينة، وتنتقى من عناصرها بعناية فائقة من تضعهم فى الصفوف الأمامية لتلك المنظمات، وتدّعى زوراً أنها تنظيم يمارس نشاطاته وفق الإطار الديمقراطى، ولكنها فى الواقع تعمل بأساليب خبيثة وفق خطة طويلة الأمد لتحقيق أهدافها فى الهيمنة تمهيداً لإنشاء خلافة إسلاموية حسب مبادئها الباطلة التى تلفظ القيم الحضارية للمجتمعات الأوروبية، وقال إن تنظيم الإخوان برميل بارود قابل للانفجار، وإن سياسة دفن الرؤوس فى الرمال التى تنتهجها الحكومة البلجيكية هى الوقود الذى يغذى ذلك البرميل من الناحية العملية.
وفى نوفمبر الماضى أصدر المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات دراسة جديدة، طالب من خلالها الحكومات فى أوروبا باتخاذ المزيد من الإجراءات للحد من نفوذ جماعات الإسلام السياسى وأذرعها من منظمات المجتمع المدنى، ووقف تمويل المنظمات والمؤسسات التابعة لـ«الإخوان»، وتشديد الرقابة على أنشطتها فى القارة العجوز، محذراً من أن الجماعة تنتهج أجندة سرية تخدم الإرهاب والتطرف.
وقالت الدراسة: «تعتمد جماعة الإخوان على نسج شبكة هائلة من العلاقات داخل العديد من الدول الأوروبية، عن طريق المساجد والمراكز الثقافية والجمعيات الخيرية التى تشترك جميعها فى كونها عبارة عن واجهات لتنفيذ أهداف المشروع الإخوانى فى أوروبا».
وأشارت الدراسة تفصيلاً لما يمتلكه التنظيم الدولى للإخوان من شبكة المنظمات الأهلية والخيرية التى حصلت على الوضع القانونى، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى تخوف الحكومة البريطانية من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السرى لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها.
وأشارت الدراسة إلى بيان أصدرته الهيئة المشرفة على أعمال الجمعيات الخيرية فى بريطانيا فى ديسمبر 2015، أعربت فيه عن قلقها البالغ من استغلال الجمعيات الخيرية المرتبطة بتنظيم الإخوان بالدعاية للتنظيمات المتطرفة، مستغلة عملها الخيرى كمنصة للترويج للإرهاب.
وكشفت الدراسة أن هذا البيان جاء بالتزامن مع صدور تقرير حكومى برئاسة السير «جون جنكيز»، السفير البريطانى السابق فى السعودية، أشار فيه إلى نمو شبكة معقدة من الجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان على مدى عدة سنوات، واعتبرت الدراسة أن التقرير فتح أعين البريطانيين على خطورة إمبراطورية الإخوان على أراضيهم، وشدد على أن الانتماء إلى الإخوان بداية الطريق نحو التطرف.