كلنا - فى القهر - «منى».. قد نتعرض يوماً لاغتيال الشخصية عقاباً على نضجنا واختياراتنا.. «كلنا منى» الفتاة الجامعية الحالمة بنجومية تحلق بها فى السماء وفى نفس الوقت تحنى النجومية والشهرة لـ«كتالوجها الخاص»، ورغم الشروط الصعبة التى وضعتها النجمة «منى زكى» على نفسها تحولت بعد عدة أفلام إلى «فتاة أحلام جيلها»: رومانسية، رقيقة، ملامحها المصرية تطوعها لتكون ابنة العملاق «أحمد زكى» فى «اضحك الصورة تطلع حلوة» أو زوجته فى «أيام السادات»، بسيطة، أحبت النجم «أحمد حلمى» لأنه أرسل لها بوكيه ورد فى أقصى «أفريقيا»، وهى متحفظة بطلة ما سُمى بـ«السينما النظيفة» بلا منازع!
وكلما توهجت موهبة «السندريلا الصغيرة» ازدادت قسوة على نفسها: ابنتها «لى لى» لا تظهر فى الإعلام، لا قبلات ولا أحضان ولا عرى فى أفلامها.. هى من قدمت للمجتمع طواعية نموذج الفتاة التى تعيش فى إطار متزمت من «العادات والتقاليد».. إطار لا يسمح لموهبتها بأن تتفجّر، ولا لقيودها بأن تنكسر، إنها قادرة على إبهار الجمهور بدور البنت الشعبية أو «شبه رقصة» فى مسرحية: اختارت «منى زكى» من البداية أن تختزل كل العقدة الشرقية لتتنفسها وتعيشها وتمثلها.. بل وتكونها من أعماقها، وحين اختنقت وتحررت من مشنقة الذات فى فيلم «احكى يا شهرزاد» كانت قد أصبحت ملكاً خاصاً للجمهور!«الشخصية» التى جسّدتها فى الواقع وعلى الشاشة أسرتها وسجنتها خلف زنزانة «النجم النموذج».. الجمهور الآن لا يقبل أن يحتضنها «على الشاشة» نجم غير زوجها (لأنه يخلط بين الواقع والتمثيل)، لم تتوقف نجمتنا اللامعة عند فتاوى تحرم الزواج والطلاق على الشاشة (نور وبوسى نموذجاً)، ولم تلحظ أن «العادات والقيم» متغيرة مع ديناميكية المجتمع وأنها للأسف قد تصبح خانقة.. عليها الآن أن تسدد ضريبة فرط سذاجتها وبراءتها، وأن تقدم للناس أحلامها الفنية قرباناً لعفوهم ومغفرتهم.أصبح من حق أى مرتش أو كذاب أن ينصب نفسه «إلهاً» ليعقد لها محاكمة ويعاقبها «مقدماً»، وأن يقتص منها لازدواجيته وأمراضه النفسية وعقده، مدعياً الدفاع عن الفضيلة والأخلاق!..
الأسوياء فقط، وهم كثر، وقفوا فى خانة الدفاع عن النجمة التى أسعدتهم «دون جريمة ارتكبتها».. عن حقها فى اختيار الدور الذى تلعبه والجهة التى تتعامل معها.لم ينظر أحد إلى أن صناعة السينما شبه متوقفة منذ 2011، وأنها مهددة بالضياع، بمن فيها من نجوم وكُتاب وفنيين ومهندسى ديكور... إلخ، وإذا لم تتدخل الدولة بثقلها الإنتاجى لبث الروح فى صناعة السينما سوف نخسر الكثير من «قوتنا الناعمة».
نعم، الآن يتم سحب البساط من تحت أقدامنا، وهذه هى «المؤامرة» أن نخسر «قوتنا الناعمة» لأن من خلفنا يريد استبعادنا من المشهد ليفرض فنه على العالم العربى.تملكتنا الغفلة حين ضاعت ذاكرة السينما، وبعدها تم احتكار نجوم الغناء «وجلسوا فى منازلهم» لنشاهد الأغانى اللبنانية والخليجية.. ثم بدأ التصحيح وعاد المسلسل المصرى يفرض -بمحتواه وصنّاعه- نفسه على الساحة الإعلامية «منصات وفضائيات».. ولا يزال الفيلم المصرى غارقاً فى دوامة «من أين نبدأ».
بعض مرضى الشيزوفرينيا تعمدوا تشويه «منى» وتجريح زوجها وكأنها عملية «تطفيش ممنهج» لنجوم بلد يحتكر السبق والريادة الإعلامية والسينمائية!قبل 20 عاماً حاورت «منى زكى»، كانت تحبو فى عالم النجومية، كانت متسقة مع نفسها كما هى الآن.. اخلعوا الأقنعة حتى لا نصبح مجتمعاً يُتقن سياسة النعام، لا تجعل «الداعشى اللى جواك» رقيباً على الإبداع.عزيزتى منى: كونى نفسك.