الملك «عبدالله» يقود «الخليج» للمصالحة مع قطر
أعلنت دول مجلس التعاون الخليجى، فى بيان رسمى مساء أمس الأول، انتهاء الخلاف الخليجى مع قطر، وفتح صفحة جديدة فى العلاقات بينهم، فيما قررت إعادة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى «الدوحة»، بعد تعهد قطر بعدم التدخل فى شئون الدول الأعضاء، ووقف الانتقادات الإعلامية، التى تمارسها وسائل الإعلام القطرية.
وقال بيان رسمى صدر عقب القمة الخليجية التشاورية الاستثنائية، التى عقدت فى العاصمة السعودية «الرياض»، برئاسة العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إنه «تم التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلى، والذى يصب فى وحدة دول المجلس ومستقبل شعوبها، ويعد إيذاناً بفتح صفحة جديدة للانطلاق نحو كيان خليجى قوى ومتماسك». وأضاف البيان: «بناءً على هذا الاتفاق، فقد قررت كل من المملكة والإمارات والبحرين عودة سفرائها إلى دولة قطر». دون الإشارة إلى مزيد من التفاصيل حول الاتفاق التكميلى.
وكانت العلاقات بين الإمارات والبحرين والسعودية من جانب وقطر من جانب آخر، توترت على خلفية اتهام الدول الثلاث لـ«الدوحة» بسبب عدم التزامها بتعهدات قطعتها على نفسها بالتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون ومساندة جماعة الإخوان فى مصر، وهو ما تسبب فى إعلان الدول الخليجية الثلاث سحب سفرائها لدى «الدوحة»، قبل أن تتمكن الوساطة الكويتية من التوصل إلى اتفاق بين الدول الخليجية فى 17 أبريل الماضى لتنفيذ اتفاق الرياض، الذى صدر فى نوفمبر الماضى.
وقال مصدر مطلع فى «الرياض»، لوكالة أنباء «أسوشيتد برس»، إن «قادة الخليج أنهوا الخلافات بينهم بعد تعهد قطر بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول المجلس، بالإضافة إلى عملها على وقف الحملات الإعلامية فى القنوات التابعة لها». وأضاف المصدر أن «ثمة اتفاقاً بين القادة على عقد القمة الخليجية المقررة فى الدوحة فى شهر ديسمبر المقبل فى موعدها، وعدم تأجيلها».
وفى السياق ذاته، أكد مصدر مسئول فى «الرياض»، لوكالة الأنباء الألمانية، أن قطر تعهدت بوقف «الحملات الإعلامية العدائية لدول الخليج، ومنع قناة الجزيرة من الإساءة إلى أى دولة خليجية وبذل الجهود لتعزيز التعاون الخليجى»، فيما أعربت الإمارات، أمس، عن «سعادتها» بنجاح اجتماع «الرياض»، وتطلعها إلى المشاركة فى قمة «الدوحة»، وأعلنت ترحيبها «بعودة المسيرة الخليجية إلى طريقها الصحيح». وبحسب بيان رسمى نقلته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية «وام»، قالت «أبوظبى» إنها «تثمن مبادرة العاهل السعودى بالدعوة إلى اجتماع قمة الرياض لتقويم وتعزيز مسيرة التعاون والتكامل الخليجى». وأضافت: «سعيدون بنجاح اجتماع الرياض من خلال تغليب وحدة الخليج ومصلحته لصالح المصالح العليا لشعوب المنطقة واستقرارها».
من جانبه، أكد وزير الدولة للشئون الخارجية فى البحرين، غانم البوعنيين، أن قمة «الرياض» فتحت صفحة جديدة فى العلاقات، مشدداً على أهمية توحيد السياسات الخارجية لدول الخليج. وقال «البوعنين»، فى تصريح لشبكة «سكاى نيوز»، أمس، إن «المصلحة العربية تتطلب ترتيب البيت الخليجى ونقاط الخلاف مع قطر انتهت، وكان هناك بعض الأمور البسيطة يمكن أن تحل من خلال التواصل بين دول مجلس التعاون».
وقالت مصادر خليجية، لوكالة أنباء «الأناضول» التركية، إن الوفد العمانى غاب عن القمة التشاورية الخليجية، مؤكدة أن «عمان أبلغت المسئولين السعوديين أن غيابها جاء لتنأى بنفسها عن الخلاف الخليجى القطرى». من جانبه، أكد رئيس اتحاد كتاب الإمارات حبيب الصايغ، لـ«الوطن»، أن القمة الخليجية الطارئة التى انعقدت فى الرياض، جاءت بناءً على طلب من الإمارات، التى رفضت عقد القمة الخليجية العادية مباشرة فى الدوحة، قبل وجود اجتماع تشاورى على مستوى قادة الخليج لبحث الخلافات مع قطر، مؤكداً أن ثقة بلاده فى العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، هو السبب وراء عقد هذه القمة الاستثنائية. فى سياق متصل، التقى وزير الخارجية سامح شكرى نظيره السعودى الأمير سعود الفيصل فى العاصمة الفرنسية باريس، خلال جولة «شكرى» الأوروبية التى يقوم بها فى الوقت الحالى، قبل انعقاد منتدى الشراكة فى الدنمارك الخاص بالصومال يوم 23 نوفمبر الحالى. وأكدت مصادر دبلوماسية، لـ«الوطن»، أن لقاء «شكرى» مع «الفيصل» ناقش تنقية الأجواء بين مصر وقطر بعد المصالحة الخليجية. وأوضحت المصادر أن لقاء «شكرى» مع «الفيصل» جرى الترتيب له قبل انعقاد قمة الرياض، حتى تم الاتفاق على اللقاء فى العاصمة الفرنسية، لبحث النتائج التى خرج بها لقاء الرياض الطارئ.
وكشفت المصادر أن مصر كانت على علم بالتحركات الخليجية قبل الإعلان عن المصالحة مساء أمس الأول مع قطر، حيث عقد «شكرى» على مدار اليومين الماضيين اجتماعات منفصلة مع وزيرى خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ووزير خارجية البحرين الشيخ خالد الأحمد، خلال وجوده فى الإمارات للمشاركة فى منتدى «صير بن ياس» بالإمارات. وأشارت المصادر إلى أن وجود «شكرى» فى الإمارات لم يكن بهدف حضور المنتدى فى الأساس حتى إنه لم يكن له مداخلة ولم يتم الإعلان من قبل «الخارجية» عن حضوره إلا بعد انتهاء المنتدى، وإنما الهدف الأساسى من مشاركته كانت عقد تلك اللقاءات الثنائية المهمة لإطلاع وزير الخارجية المصرى على التحركات التى تقوم بها دول مجلس التعاون لإتمام المصالحة، والسعى للتهدئة بين قطر ومصر خلال الفترة المقبلة.