أصدر مجلس الوزراء فى دولة الإمارات يوم السبت الماضى قائمة ضمت عدداً من التنظيمات التى صنفها بالإرهابية، فقد قام مجلس الوزراء باعتماد عدد من التنظيمات الإرهابية شملت 83 تنظيماً، وصرح المجلس بأن ذلك جاء تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادى رقم 7 لعام 2014م فى شأن مكافحة الجرائم الإرهابية الذى أصدره رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وهكذا تسير دولة الإمارات كعادتها خطوات إلى الأمام على طريق الحداثة فى معالجتها لقضاياها، فالإرهاب كخطر حقيقى داهم يستلزم إرساء منظومة مواجهة، تبدأ بإصدار قانون مستقل مفصل لكل الأنشطة التى توصف بالإرهابية، وهو ما قامت به الإمارات فعلياً هذا العام، ثم يعقبه مثل هذا القرار الوزارى المشار إليه الذى يحدد هذه التنظيمات والكيانات على سبيل الحصر، ولا يستلزم أن تقتصر القائمة على من هم بداخل الدولة فقط بل قد تمتد لتشمل تنظيمات أخرى فى دول مختلفة، وهو الإجراء الأكثر نضوجاً وشمولية من الناحية الأمنية والسياسية، فالتحديد يتم عادة وفق معلومات وتقارير أمنية جادة تحدد مكامن الخطر.
القرار الوزارى الإماراتى بشأن نظام قوائم الإرهاب دون شك قرار صائب لدولة واعية تحترم نفسها، وتستهدف حماية شعبها وحماية مصالحها فى الداخل والخارج، فضلاً عن شجاعته، وهو يدرج أخطر منظمتين موجودتين على الأراضى الأمريكية وهما «مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)» و«الجمعية الإسلامية الأمريكية (ماس)»، وهما المنظمتان اللتان تديران العمل التنظيمى لجماعة الإخوان فى أمريكا بداية من تجنيد الأتباع حتى التنسيق والتواصل مع المخابرات الأمريكية، مروراً بكل النشاطات المتعلقة بالتمويل الحرام وإدارة المحافظ المالية التابعة للتنظيم الدولى للجماعة، وتوصف هذه القائمة بالحرفية والشجاعة لأنه سبقها عمل أمنى دؤوب ودقيق فى جمع كل المعلومات اللازمة، الذى مكنها أن تضم سائر الكيانات المنتشرة أيضاً على الأراضى الأوروبية، التى تستخدم سواتر دعوية وخدمية وإغاثية لممارسة وتدعيم جرائم إرهابية ترتكب فى أماكن عديدة بالعالم، وهذا نوع من المحاصرة الحقيقية وأداء مهنى لما يسمى بـ«تجفيف المنابع»، وهى الضربة التى تصيب أى تنظيم فى مقتل مباشرة.
وزارة الخارجية المصرية لم تستطع تجاوز تلك الخطوة الإماراتية الناجحة فأصدرت عبر لسان متحدثها الرسمى إشادة وتقديراً لتلك الخطوة، ونحن بدورنا نناشد السيد رئيس الوزراء المصرى أنه بموجب يمينكم على حماية الوطن وشعب مصر، حان الوقت لإصدار قائمة مصرية مشابهة لمن يعتبرون «تنظيمات إرهابية» من وجهة النظر المصرية، وهذا القرار مع استناده على معلومات أمنية موثقة وجادة هو قرار حكومى من صلاحيات السلطة التنفيذية وسيعتد به داخلياً وخارجياً، ووفق القانون الذى صدر بوجوب محاكمة الإرهابيين أمام القضاء العسكرى يتم إحالة كل من يتورط فى عمل يهدد أمن الوطن إلى هذه المحاكمات الناجزة، ليس الأمر فى حاجة لأمر قضائى كما يحلو لكثير من الأصوات أن تردد، هذا عمل مباشر للسلطة التنفيذية إذا كانت غير مرتعشة، وإذا كانت الرؤية واضحة ومحددة بأن مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب وليس الأمر بأقل من هذا خطوة واحدة، نحتاج لرؤيتنا الخاصة للأمر الذى لا بد أن تترجمه تصرفات عملية «على الأقل» حتى لا نستمع للردود الدولية اللزجة، التى يقابلها مسئولونا فى معظم لقاءاتهم الخارجية وهم يستمعون لمن يطلب منهم أدلة كون تلك الجماعة أو تلك إرهابية بحق، الحكومة المصرية وليس غيرها هى من ننتظر أن تكون قد حسمت أمرها، إذا كانت صادقة العزم فى حماية الوطن، فمن دون تلك القائمة «لائحة التنظيمات الإرهابية» وبآليات العمل عليها من أجل تجفيف المنابع، نتخبط فى مزيج من العبث، والارتباك، والغيوم، والتقدم خطوة.. والتراجع خطوات.