إنها الحرب.. لم يعد هناك شك فى هذا.. فالجيش المصرى يخوض حرباً متكاملة التعريف.. حرباً تشمل معارك محدودة فى أماكن متفرقة.. وبأسلحة مختلفة.. فلم يبق سوى أن نرى رئيس الجمهورية وهو يرتدى الزى العسكرى.. ويقف وسط قادته فى لوحة جدارية كما شاهدنا «السادات»، رحمه الله.
المشكلة أن فضولاً شديداً ينتابنى فى كثير من الأحيان كى أعرف كيف يفكر ذلك الشاب المتعلم «المتدين» المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، حين يدخل -كعادته بعد «٣٠ يونيو»- فى نقاش حاد على مواقع التواصل الاجتماعى، يتميز بالسباب القذر، وتفوح منه رائحة الشماتة فى قواته المسلحة، بعد كل معركة أو حادث غادر، يسقط فيه بعض من جنودنا فى سيناء!
إنها مَلَكة قلَّما تجدها فى فصيل آخر، فالذين كانوا ينشرون على صفحاتهم «فى سبيل الله قمنا» أصبحوا يتنافسون الآن فى نشر فيديوهات «عنتيل الغربية» وأسماء زوجات ضباط الشرطة! والمظاهرات التى كانت تخرج للهتاف بعودة «مرسى» أصبحت تشعر بالانتصار حين يقتل جنودنا فى سيناء على يد جماعات قذرة!
لقد شهدت جماعة الإخوان تحولاً راديكالياً فى سياساتها عقب رحيل نظامها.. فبعد ضياع الأمل فى العودة لمقاليد الحكم.. أصبح شغلهم الشاغل هو انتقاد النظام الحاكم، والشماتة فى كل إخفاق يحدث حتى على المستوى الرياضى، فقد وجد منتخب السنغال جمهوراً لا بأس به وهو يحرم منتخبنا القومى من فرصة الصعود لكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالى! وكأننا لا يكفينا عبقرية مدربنا الرائع ولا مستوى لاعبينا المثير للغثيان!
كثيرون وقعوا فى هذا الخلط، بين الكفر بنظام ما وبين الكفر بالوطن، فالأول يسمى معارضة، ولكن الثانى يسمى خيانة، ترتفع درجتها فى حالة الحرب إلى الدرجة العظمى!
فانتقاد الجيش فى زمن الحرب خيانة.. الأمر لا لبس فيه.. ولا يقع تحت طائلة النقد أو حرية التعبير، فالحفاظ على الروح المعنوية لقواتنا المسلحة فى هذه الأيام تحديداً واجب قومى.. والخدمة التى يقدمها لتلك الجماعات الإرهابية ذلك الإخوانى القذر وهو يسخر من مقتل الجنود لا يمكن تصنيفها إلا على أنها جريمة تاريخية، تستوجب الإعدام على أقل تقدير! وتَصِم تلك الجماعة بالعار ما بقى للتاريخ من صفحات!
ربما هى المرة الأولى التى أبدو بمثل هذا التطرف الهمجى، ولكن التشكيك فى الجيش فى وقت الحرب أمر غير مقبول، ولا يقوم به سوى مجموعة من الجبناء.. والوطن غنى عن الجبناء فى هذه الأيام.
الطريف أن هؤلاء المرتزقة الذين لم يجدوا عملاً بعد سقوط نظامهم وانفراط عقد لجانهم الإلكترونية، والذين يدعون للنزول يوم ٢٨ نوفمبر ضد النظام الحالى، لن ينزلوا فى هذا اليوم، بل ستجدهم على مقاعدهم أمام شاشات الكمبيوتر المنزلى، يهتفون بالناس أن يخرجوا، وهم جالسون!
يقولون قديماً إن الجبناء لا يصنعون التاريخ، ولكن يبدو أن الأمر اختلف فى هذه الأيام، فالجبناء أصبحوا يصنعون تاريخاً بالفعل. ولكنه تاريخ من نوع آخر.. إنهم يصنعون التاريخ.. القذر!