فى ذكرى مذبحة «ماسبيرو» يوم 9-10-2011، نظمت عدة قوى ثورية مسيرة حاشدة بدأت من منطقة «دوران شبرا»، وانتهت عند ساحة المذبحة أمام مبنى التليفزيون، إحياءً للذكرى البشعة لدهم ودهس 27 مصرياً مسيحياً لقوا وجه ربهم. فى يوم التأبين أخذ عدد من المصريين المسيحيين يهتفون مطالبين بالمساواة! لكننى لم أفهم هل كانوا يطالبون بالمساواة بغيرهم من المصريين المسلمين، أم بغيرهم من الإخوان المسلمين؟! فمؤكد أن المسألة تختلف؛ فإذا كان مسيحيو مصر يقصدون بحديثهم عن المساواة «إخوانهم المسلمين» من «الغلابة المصريين» فتلك مسألة، وإذا كانوا يقصدون المساواة بـ«الإخوان المسلمين» فتلك مسألة أخرى!
فالمساواة ما بين أبناء الوطن الواحد، بغض النظر عن الدين، مسألة متحققة، وإن كانت بالمعنى السلبى، فالحقوق مهدرة فى الجانبين، والمصرى المسلم لا يتمتع بأى حقوق تميزه عن المسلم القبطى، فكلاهما شريك فى عمليات السحق والإهدار، وربما يذكر الكثيرون أن عمليات الدهس والقتل حدثت خلال الثورة، ووقعت بعد ذلك فى أحداث «محمد محمود» و«القصر العينى» و«بورسعيد»، فى كل هذه الأحداث لم تميز آلة السحق ما بين مسلم ومسيحى، فالسحق حق للجميع، وكل المواطنين سواءٌ أمام من يحكم مصر فى هذا السياق، هكذا كان يفعل نظام «المخلوع»، وعلى نفس المنوال سار المجلس العسكرى خلال المرحلة الانتقالية برضاء الإخوان، وكذلك يفعل النظام الإخوانى الحالى، حين يهمل محاسبة قتلة الشهداء من الجانبين: المسلم والمسيحى.
أما المساواة بـ«الإخوان المسلمين» فأمر صعب المنال على إخوانى من المصريين المسيحيين، ولعلهم يلاحظون مقدار التعالى الذى يتعامل به أفراد الجماعة مع غيرهم من المسلمين المصريين «غير المتأخونين»؛ فغيرهم لا يفهم مثلهم، ولا يعرف صلاة الفجر كما يعرفونها، ولا يستطيع أن ينهض بأمانة هذا البلد كما ينهضون بها، وليس بإمكانه حمل الخير الذى سوف يحملونه للمواطن، ولا تحقيق النهضة التى يدخرونها لنا، إنهم أولى بالمصريين من أنفسهم، لأنهم «عنصر ممتاز» ما بين أفراد الشعب، بغض النظر عن ديانتهم.
وللإنصاف فإن الإخوان يرحبون بمن يسير فى ركابهم، بشرط أن يكون شخصاً ملتزماً بفكرهم، وأركان بيعتهم، وأن يستوعب المعنى الحقيقى للأخونة، وهم لا يفرقون فى ذلك ما بين مسلم ومسيحى! والكل يعلم أن الدكتور «رفيق حبيب» نائب حزب الحرية والعدالة -الذراع السياسية للإخوان- مسيحى، وبالتالى فإن ديانته لم تحل بينه وبين الارتقاء إلى أعلى المناصب داخل الحزب الإخوانى عندما فهم معنى «الأخونة». وبناء عليه فهناك فرصة أمام إخوانى المصريين المسيحيين لتحقيق المساواة التى يحلمون بها من خلال «الأخونة»، إذ يبدو أنه لم يعد أمام أى مصرى يريد أن ينال حقوقه فى هذا البلد سبيلاً غير «سبيل الأخونة»!