فى أجمل الأحلام وأمتعها، أغوص داخل قلبى وأسبح بين غرفه ذات العمارة والرسم الدقيق الإلهى الذى ينافس أعمال علماء الرسم الهندسى العالميين وأصحاب الجوائز التقديرية فى الإبداع والبناء والتشييد والذين تحفَر أسماؤهم على واجهات الأبراج والتحف المعمارية السكنية، وأتفادى الاصطدام بأوردته وشرايينه وشعيراته الدقيقة الصغيرة خوفاً عليها من الأذى أو الألم، وفى تلك الجولة الممتعة الساحرة الخيالية أجدك تعيش داخله وتتنفس وتضحك وتحاورنى وتحاول الاختباء منى وملاحقتى والإمساك بيدى ويدهشك خجلى منك وأنا صاحبة المبادرة والمتمسكة والمصرة فتناغشنى وتغضبنى وتعود لتضحكنى وتواسينى فى أحزانى وتشاركنى أفراحى، فأتأكد أنك أيقونة قلبى.
تلك التى حفرتها أيامى وأناملى والأحداث التى صنعت منى الحبيبة التى تعطى بلا حدود ولا انتظار لمقابل أو مردود، الأيقونة التى حفرتها بكل مقاييس كتبت فى الموسوعات لإتمامها بدقة وحرفية واحتفظت بها فى أعماقى حتى لا تصل إليها عيون المتلصصين والفضوليين وحتى لا يحاولوا التسلل إلى أوراقنا وقراءة قصتنا معاً.
وبالرغم من أمنياتى أن تصبح ملامحك ونظراتك وجبينك وضحكتك ملامح لأيقونة خالدة وأن يكتب عنك الشعراء كلمات خالدة فإننى أخفيتك بعيداً عن كل هؤلاء، خاصة بعد أن قرأت كلمات الملك رمسيس الثانى فى التاريخ الفرعونى القديم، إذ يقول عن زوجته وحبيبته الملكة نفرتارى (هى التى تشرق من أجلها الشمس) ومن جمال التعبير والكلمات تنافس الشعراء فى نسخها وتقليدها ومنح ذلك الشرف والعظمة والسمو لحبيباتهم، فشبّه بعضهم حبيبته بالقمر، وزاد وأعلن أنه يظهر من أجلها وآخر أفاض فى الوصف والشرح ليقترب من تلك الكلمات المقدسة، فخشيت أن يسرقوا منى كل ما أحمل لك وأن تتحول لأيقونة توضع على صدور نساء العالم وتحفر بمياه الذهب والفضة والأحجار الكريمة ويملكها من يريد ويملك ويزين بها جدران قصره ومن يقرأ تاريخها ويعجب به ويتمنى لو التقى فى حياته بمن تملك ملامحها وقوتها وفتنتها، رفضت أن يدققوا النظر فى صورتك وارتضيت أن تبقى مكانك السرى الذى لا يعرفها أحد، فأنت من حفرت ملامحه ومشاعره وفقاً للفكر المقدس فى جميع الأديان.
ففى التاريخ اليونانى تُصنع الأيقونة وفقاً لأساليب محددة لها طقوس خاصة واعتبارات دينية، حيث يقوم الرسام بعمله بالتزامن مع الصلاة حتى تخدم أيقوناته أغراض العبادة وفى الفكر الروسى يقولون إن الأيقونة هى نافذة على الملكوت، لذا نجد كثيراً هالات الأشخاص تمتد إلى ما بعد الإطار الداخلى لتوحى للمدقق فيها بأن الشخص المرسوم يطل عليه من نافذة من العالم الآخر. ولذلك كتبت كلمة أيقونة وهى الاسم وجمعها أيقونات فى الموسوعة العلمية (ويكيبديا) وشرحت بأنها الصورة المقدسة عند المسيحيين أو أنها تمثل تمثالاً لشخصية إسلامية تتمتع بالاحترام والتبجيل لدى المسلمين. وفى المعجم الفنى تعنى صورة مصغرة لشخصية إسلامية توحى بالتبرك.
كما تعنى لفافة صغيرة من معدن نفيس كالذهب أو الفضة يوضع داخلها ذخيرة وتعلق بالرقبة كالسلسلة. أما فى عالم التكنولوجيا والإنترنت الذى دمر رومانسيتنا وأحلامنا وحولها إلى أزرار ومعادن وألوان فإن الأيقونة تحولت إلى رمز لملف أو برنامج معين وعند الضغط عليها يتم فتحه. أما أنت فستظل إلى الأبد وعلى مر العصور واختلافها أيقونة قلبى.