أجادت جماعة الإخوان المسلمين فى الترويج لنفسها تحت شعار «الإسلام هو الحل»، كان غطاء جيداً لسد الفراغات التى تجاهلتها حكومات مبارك المتلاحقة، الخدمات الاجتماعية والطبية وقوافل الإعانة وتوصيل المرافق والدعم الداخلى للقضية الفلسطينية، واجهة تصلح للتبرير، هذا غيض من فيض، ويوم نصل لسدنة الحكم سنريكم ما لا عين رأت، ولسان حالهم يقول «أيدوا شعارنا تجدوا ما يسركم».
طيلة مائة يوم أو يزيد، واجه الرئيس محمد مرسى مشكلات مصر بتنوعها وتطرفها واعتيادها بأساليب كانت فى الغالب صادمة وغير متوقعة، تخلى مرشح الجماعة عن شعار جماعته الأشهر، شمر عن ساعديه ليشارك فى اللعبة، الشعارات شىء والتطبيق شىء آخر، هكذا عودتنا الجماعة، أرشيف الصحف خلال العامين الماضيين فقط خير شاهد، لم نرَه يلجأ لـ«الاقتصاد الإسلامى» لحل العجز فى الموازنة وتلبية احتياجات الموظفين فى هيئات الدولة بدءاً من السائقين وحتى الأطباء، بل كان الخيار الأول الاقتراض وقبول المنح من الدول الكافرة «كل قرض جر نفعاً فهو ربا»، يعلن دون تردد أنه لن يقبل أن يطعم شعبه حراماً، لم يأتِ مرسى بحل إسلامى لأزمة المرور التى ما زالت مصر كلها عالقة فى نسبة الـ30% المتبقية منها دون حل، لم نسمع عن «البناء الإسلامى» لإسكان الشباب، أو الحل الإسلامى لسكان العشوائيات الذين توشك أن تبتلعهم صخرة الدويقة ثانية، أو الطريقة الإسلامية للقضاء على البطالة وتشغيل الشباب.
ربما نسى أن يعلن أن رفع الدعم عن الوقود، الذى هو أحد اشتراطات صندوق النقد الدولى «الرأسمالى»، هو حل إسلامى، وأنه عندما خص أساتذة الجامعات والشرطة والجيش والقضاة من بين غيرهم بارتفاعات كبيرة فى رواتبهم دون عمال النظافة والمحليات والسائقين والمدرسين هو من الإسلام، لم يظهر الحل الإسلامى فى فض الاعتصامات ولا فى نقص أنابيب البوتاجاز ورغيف الخبز، وتهجير الأقباط قسراً.
نسى مرسى أن المساحة التى اعتادت أن تشغلها جماعته فى القرى والنجوع والنقابات كانت مجدية لأنها كانت تليق بحجمها، وأنه عندما ينتقل إلى مرحلة الجد تتكشف الحقائق، ويتضح أن عدم جدوى شعار «الإسلام هو الحل» لا يعنى إطلاقاً أن ثمة قصوراً فى الإسلام، ولكن الديانات لها غاية أهم وأسمى من أن يتم الزج بها فى السياسة وشئون البلاد، التى تقبل أن يعد الرئيس تارة بأشياء ولا ينفذها، وأن يعلن عن إنجازات لم يحققها ويعرف فى قرارة نفسه أنه غير صادق، وأن تحمله الظروف إلى مهادنة عدو كان وهو خارج السلطة متأهباً لقتاله، وكأنما تكشف أيام بواكير أيام مرسى أن «الإسلام هو الحل» لم يكن وسيلة للنهضة وغاية أبناء البنا، قدر ما كان فخاً لإقناع البسطاء بالالتفاف حول الجماعة الصالحة التى «لا تنطق عن الهوى».