نجح الرئيس حسني مبارك في استثمار العلاقات «التاريخية» لخالد محيى الدين مع عدد من الزعماء العرب لحل كثير من الأزمات بين مصر وبعض الدول، ونجح خالد محيى الدين فى ترتيب لقاء تاريخى بين مبارك والرئيس الليبى معمر القذافى فى منطقة حدودية بين مصر وليبيا، وأعقبت اللقاء عودة العلاقات بعد سنوات من القطيعة بين البلدين.
وفى مساء أحد الأيام أواخر تسعينات القرن الماضى، تصدّر نشرة التاسعة على التليفزيون المصرى خبر مؤداه أن الرئيس السورى حافظ الأسد استقبل السيدين خالد محيى الدين ورفعت السعيد، اللذين حملا رسالة شفهية إليه من الرئيس مبارك، وأتذكر أن كليهما (محيى الدين والسعيد) عنّفانى عندما حاولت معرفة فحوى الرسالة، قال لى الأستاذ خالد: من العيب أن تسألنى هذا السؤال، فقلت له أنا صحفى، وتدخل الدكتور رفعت السعيد منهياً الحوار بطريقته المعروفة التى يختلط فيها جد الكلام بهزله: طُظ فيك.
ولأن السياسة حمّالة أوجه، ودائماً ما تُفاجئنا بتقلباتها، فقد حضرت بنفسى المكالمة التى تلقاها خالد محيى الدين من الرئيس مبارك لتهنئته بالفوز فى انتخابات مجلس الشعب عام 2000، وتغيّر الوضع فى الانتخابات النيابية التالية عام 2005، فى هذا العام رفض خالد محيى الدين الترشّح فى أول انتخابات رئاسية أمام الرئيس مبارك، وحسماً للأمر، ولوقف الضغوط شبه الرسمية، عقد «التجمع» مؤتمراً جماهيرياً فى شارع كريم الدولة، حيث مقر الحزب، وتم إعلان عدم خوض «محيى الدين» انتخابات الرئاسة، وأضمرها «مبارك» فى نفسه، وقد كان يتمنى أن يخوض خالد الانتخابات الرئاسية الأولى فى تاريخ مصر، ليُضفى عليها بريقه الدولى كمنافس قوى قياساً ببقية المرشحين.
ونقلاً عن كامل السيد، أمين حزب التجمع بالقليوبية، أن عمدة كفر مويس -إحدى قرى دائرة كفر شكر- أبلغه بأنه أثناء حضوره اجتماع قيادات وكوادر الحزب الوطنى بالقليوبية بحضور جمال مبارك وأحمد عز، قال جمال مبارك: إن ما يهمنا فى الانتخابات البرلمانية هو نجاح مرشح الحزب الوطنى بكفر شكر على مقعد الفئات، وبالتزامن أعلن مهدى عاكف، المرشد العام للإخوان المسلمين، أن الجماعة صرفت 20 مليون جنيه فى دائرة كفر شكر لإسقاط خالد محيى الدين، وفاز مرشح الإخوان فى الإعادة بفارق 173 صوتاً فقط، وهكذا انتهت علاقة خالد محيى الدين بالرئيس مبارك، وكأن ما كان بينهما من ود وتقدير لم يكن، ونسى «مبارك» ما قاله للدكتور مصطفى الفقى ذات يوم، وقد كان سكرتيره للمعلومات «إن رفاق خالد محيى الدين تخلوا عنه رغم أنه وطنى نقى تقى».
وصل محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان الإرهابية إلى القصر الجمهورى فى الوقت الذى ترك فيه خالد محيى الدين رئاسة حزب التجمع لخلفه الدكتور رفعت السعيد، ولم تتجاوز العلاقة بين الطرفين (محيى الدين ومرسى) تبادل التحية إن تقابلا بالمصادفة فى أروقة البرلمان، ومن منزله أيّد خالد محيى الدين بصفته زعيم الحزب قرار «التجمع» بتنظيم أول مظاهرة رافضة لحكم الإخوان يوم 24 أغسطس عام 2012، وقبل مرور شهرين على وصول الجماعة الإرهابية للحكم، وفى هذا اليوم سمع المصريون لأول مرة هتاف: «يسقط يسقط حكم المرشد».
ونستكمل الأسبوع المقبل..