«الفيلوغرافيا».. إبداعات فنية بـ«المسامير والخيوط» تخطف قلوب زهور الأسمرات
تدريب أطفال الأسمرات على «الفيلوغرافيا»
غرفة كبيرة بها العديد من اللوحات الفنية متناهية الجمال إلى جوارها عدد من المسامير الصغيرة ملفوف عليها بإحكام شديد ودقة متناهية خيوط رفيعة ألوانها تسر الناظرين، وبجانب تلك اللوحات المرتبة بشكل معين كى تتناسب مع سن الأطفال يقف المهندس وحيد ناجى، الذى أحب فن الرسم بالمسامير والخيوط «الفيلوغرافيا» بعدما تمكن فيروس كورونا من تعطيل كافة
المهندس وحيد ناجي: «نعمل على تنمية مهارات الإبداع وخلق جيل مبتكر
مظاهر الحياة فى العالم ليجد «ناجى» نفسه مجبراً على تعلم حرفة جديدة تتناسب مع المرحلة، ليجد نفسه فى هذا الفن، الذى يعتبره من أرقى أنواع الفنون وينمى ثقافة الابتكار لدى الأطفال: «كنت شغال فى مجال التصوير والأمور ماشية تمام لحد ما ظهر الفيروس وهنا لقيت نفسى قاعد فى البيت من غير شغل، فقررت أتعلم حاجة جديدة ومفيدة فى نفس الوقت».
بعدما وجد الثلاثينى نفسه فى بيته دون عمل وجد أن الحل الأمثل له تعلم حرفة يدوية، وكان له ما أراد دون عناء فى اختيار نوع الحرفة التى يسهل تعلمها: «صديقة زوجتى جابت لينا هدية هاند ميد عجبنى شكلها وبدأت أسأل عن اسم الحرفة وقرأت عنها كتير لحد ما تعلمتها وقررت أنقل خبرتى للأطفال فى الأسمرات».
فن «الفيلوغرافيا» هو أحد فروع الرسم المتعددة التى ظهرت فى العصر العثمانى، ويتم خلاله استخدام الخيوط والمسامير بدلاً من الورق والأقلام، وفيه يتم تثبيت المسامير على ألواح الخشب المراد الرسم عليها، وتنتهى مراحل الرسم بلف الخيوط متعددة الألوان على المسامير لتظهر بذلك اللوحة المراد رسمها، وهو يعتبر من بين أكثر الفنون صعوبة لكونه يتطلب دقة كبيرة فى التصميم ثم التنفيذ، فلا يمكن أن تخرج اللوحة بشكل جيد دون أن يكون الرسام متمكناً من أدواته جميعها: «فن مناسب لكل الفئات العمرية، لأنه مش مكلف، وأنا قررت أشارك فى ورشة الأسمرات علشان أدى فرصة للأطفال لإبداع هدايا غير تقليدية بفلوس بسيطة وخامات موجودة عندهم فى البيت وكل دى حاجات هتفرحهم».
فن الرسم بالخيوط والمسامير بحسب «ناجى» له دور كبير فى التخلص من الضغوط النفسية، ويمكن للجميع ممارسته شرط أن يتحلى الفنان بالصبر، لأن به العديد من الخطوات التى تتطلب الصبر الشديد: «معدل استجابة أطفال الأسمرات لهذا الفن سريع وما كنتش أتوقع إنهم يحبوا الفيلوغرافيا بالشكل ده، الأطفال بتدخل الورش تطلبه بالاسم، وده خلانى سعيد ومبسوط علشان قدرت أقدم لهم حاجة كويسة وفن قيم له مميزات كتيرة».
ناجي: الأطفال متحمسون للتعلم ودماغهم حلوة وعندهم استعداد للإبداع
داخل الورشة كان هناك تفاعل شديد من الأطفال، الجميع يريد تنفيذ اللوحة، كافة الأطفال يطلبون الشاكوش والمسامير وكذلك الخيوط، والسعادة هى السمة البارزة على الوجوه، لا أحد منهم يريد أن يقف متفرجاً: «متحمسين جداً للتعلم ودماغهم حلوة وعندهم استعداد للإبداع ودى حاجة جميلة».
يعتمد هذا الفن على دق المسامير على قطع الخشب التى تعتبر هى اللوحة المستخدمة فى الرسم، وعليها تنسج الخيوط وتتشابك لتكتمل بذلك اللوحة، مع عمليات التطور بدل بعض الفنانين الخيوط بأسلاك معدنية، والهدف هنا إنتاج لوحات ذات لمعان براق، وآخرون استخدموا الحوائط لتكون بمثابة اللوحة التى يتم دق المسامير عليها بهدف الحصول على قطع فنية بمساحات كبيرة: «مراحل الشغل كتير لكن أهمها تحضير قالب للرسمة علشان نثبت بعد كده المسامير على الخيوط اللى فى اللوحة الورق، واللى بتكون مرسومة بقلم عادى، والورقة دى بيتم نزعها فى الآخر، علشان تفضل فى الآخر اللوحة الخشب هى اللى ثابتة وظاهرة فى خلفية العمل الفنى».
توصيل الخيوط بين المسامير من أصعب المراحل التى تمر بها اللوحة، ولكن «ناجى» تغلب على هذا الأمر من خلال تجهيز لوحات مصممة بشكل بسيط يسهل التعامل معه: «الطفل مهما كان ذكى مش هيقدر يشكل لوحات فنية ذات جودة عالية، علشان كده بختار لهم أشكال فنية سهل التعامل معاها».
المستويات المتقدمة فى هذا الفن يستخدم خلالها الفنانون الأسلاك المعدنية بدلاً من الخيوط، ويتم رشها بعد ذلك بالألوان وتركها لمدة ثلاثة أيام حتى يكتمل شكلها الفنى: «خيط الحرير من بين أهم الخيوط المستخدمة فى الفن ده، وبيستخدم فى رسم الحروف العربية والزخرفة، وفيه كمان خيط البريسم وده بيتم استخدامه فى رسم البورتريهات، وخيط الصوف فى اللوحات الكبيرة، وخيط القطن فى الصغيرة، ودى تعتبر أشهر أنواع الخيوط المستخدمة فى الرسم».