سامح عمرو: «اليونيسكو» تدعم مصر فى مواجهة الإرهاب
قال محمد سامح عمرو، رئيس المجلس التنفيذى لليونيسكو، سفير مصر الدائم لدى المؤسسة الدولية، إن هناك استجابة واهتماماً من جانب الحكومة الحالية بالمشروعات التراثية والثقافية وملاحظات البعثات الدولية، مؤكداً أن «اليونيسكو» فى مقدمة المؤسسات الدولية التى تعود بقوة لمصر وتطرح العديد من البرامج فى مجالات التنمية.[FirstQuote]
وأضاف فى حواره لـ«الوطن»، أن الحكومة أظهرت اهتماماً كبيراً بالتراث والثقافة والآثار، وتم تشكيل لجنة وزارية لإنقاذ القاهرة التاريخية، وهذه الإجراءات تدفع مؤسسة «اليونيسكو» للتعرف على المشكلات الخاصة بالآثار والمساهمة فى حلها، مؤكداً أن حكومة الإخوان كانت تتجاهل المشكلات المتعلقة بقضايا الثراث والآثار وهو ما هدد بوضع القاهرة التاريخية على قائمة التراث المهدد بالخطر نتيجة للتعديات التى حدثت على المنطقة الأثرية.
وأكد أنه كان يعانى من الشائعات التى يطلقها الإخوان فى الخارج منذ ثورة 30 يونيو، لكنه نجح فى التصدى لمحاولات تشويه مصر بالخارج، وحصل على أعلى الأصوات فى انتخابات رئاسة المجلس التنفيذى للمنظمة.
■ فى الفترة الأخيرة كان هناك نشاط ملحوظ لبعثات «اليونيسكو» داخل مصر، فما أبرز الإنجازات التى تحققت من تلك الزيارات؟
- شهد الشهر الماضى حدثين مهمين فيما يتعلق بعلاقة منظمة «اليونيسكو» بمصر وهى دائماً علاقة متميزة، حيث قمنا بإرسال بعثتين خاصتين بحماية التراث والأثر الثقافى للآثار، وتمت مناقشة الملفات العالقة مع وزير الآثار، من أبرزها موضوع المتحف المصرى الكبير وكيفية الانتهاء من المشروع، والتفكير فى مدى إمكانية وضع المتحف تحت رعاية منظمة «اليونيسكو» وأيضاً متحف الحضارة الذى كان يخضع لرعاية «اليونيسكو» وتوقفت الأعمال بسبب بعض المشاكل المالية، عقب توقف حركة السياحة الوافدة إلى مصر، وهو ما تسبب فى عجز الحكومة المصرية عن الوفاء بالتزاماتها، حيث تم الاتفاق على افتتاح جزئى للمتحف خلال الشهور المقبلة، كما قامت البعثة بزيارة القاهرة التاريخية، لأنه كان لا بد من أن نثبت لهم وفاء الحكومة بوعودها فيما يتعلق بالعمل على إزالة التعديات التى شهدتها المنطقة خلال الثلاث سنوات الماضية، خاصة أن أغلب تلك التعديات وقعت فى القاهرة الإسلامية وهى واحدة من أهم المدن الإسلامية على مستوى العالم.[SecondImage]
■ هل كانت هناك ملاحظات للبعثة على وضع المتحف الإسلامى والقاهرة التاريخية؟
- إلى جانب التعديات كان للبعثة ملاحظات على ما يمكن أن نسميه تعامل الحكومة مع القاهرة التاريخية، حيث أهملت الحكومة حماية منطقة شارع المعز، وهنا لا بد أن نكون حريصين فيما نقول، لأن هذا اتهام لا يمكن أن نوجهه للحكومة الحالية، لأن الحكومة الحالية تولت مقاليد الأمور فى فترة صعبة، وكلنا شاهدنا هذه الفترة والتعديات حصلت نتيجة قلة الوعى بأهمية تراثنا وآثارنا واختفاء القبضة الإدارية، والقبضة الأمنية بشكل يحول دون إقامة مثل هذه الإنشاءات أو هذه التعديات، ولا يمكن أن نلوم الحكومة الحالية على ما حدث خلال السنوات الماضية.
■ ولماذا تأخرت «اليونيسكو» فى الوفاء بتعهداتها بتوفير تمويل لترميم متحف الفن الإسلامى؟
- غير صحيح، هيئة «اليونيسكو» أرسلت فى مايو الماضى ما وعدت به وهو مبلغ 100 ألف دولار لترميم المتحف رغم معاناتها من أزمة مالية طاحنة، عقب امتناع الولايات المتحدة عن دفع حصتها لليونيسكو اعتراضاً على ضم فلسطين للدول الأعضاء، كما قدمت الحكومة الإيطالية مبلغ 800 ألف، كما قامت ألمانيا بإرسال بعثات فنيه للمساهمة فى ترميم القطع الأثرية، وتبرعت هيئة المعونة الأمريكية بـ150 ألف دولار، وتعهدت دولة الإمارات بترميم المبنى وإعداد التجهيزات الفنية اللازمة لإعادة افتتاحه.
■ ولماذا أصرت «اليونيسكو» على أن تقدم مساهمتها بشكل فنى وليس مادياً؟
- لأن «اليونيسكو» ليست منظمة مالية، «اليونيسكو» ليست بنكاً دولياً، «اليونيسكو» ليست صندوق نقد، «اليونيسكو» ليست بنك تنمية، «اليونيسكو» فى نهاية الأمر بيت خبرة، وعلينا أن ننظر إلى هذا الموضوع فى حجمه الطبيعى، فالهدف وراء دعم «اليونيسكو» للمشروع إرسال رسالة سياسية للمجتمع الدولى أن «اليونيسكو» داعمة لمصر لمواجهة الإرهاب، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى أنها كانت أول مساهمة من منظمة دولية لسد العجز المالى الكبير الذى تعانى منه الآثار، وهو ما يفتح الباب لجمع تبرعات أخرى من باقى المؤسسات الدولية ومن الدول الصديقة المجاورة لها.
■ فى 2011 أعلنت «اليونيسكو» مساعدتها لمصر لاستعادة الآثار التى نهبت بعد ثورة يناير، ما الذى وصلنا إليه فى هذا الملف؟
- بعد ما حدث فى متحف ملوى الذى نهب منه أكثر من 1600 قطعه أثرية، قامت وزارة الآثار بمدنا بقائمة للقطع، كل قطعة بتوصيفها الكامل والعصر الذى تنتمى إليه وهذا ساعدنا كثيراً، حيث استعنا بالقوائم الملونة التى جاءت إلينا ووضعناها على القائمة الحمراء وهو نفس الإجراء الذى تم مع الإنتربول، وهذا يعنى أن من يقبض عليه وبحوزته تلك القطع أو ينقلها أو يتاجر بها سيحاكم جنائياً، وهو ما يجعل الأسواق الخارجية تتردد قبل شراء أى قطعة أثرية جاءت من مصر وتم تهريبها خارج الحدود بطرق غير مشروعة، لأن فى هذه الحالة لا يجوز لهؤلاء الأشخاص أو المتاحف أن يدفع أنه كان حسن النية وهو يشترى، طالما أصبحت هذه القطع على القائمة الحمراء على الموقع الإلكترونى، وإذا دخلنا حالياً على صفحة الإنترنت الخاصة بـ«اليونيسكو» أو الإنتربول سنلاحظ وجود جزء خاص بالآثار المنهوبة من مصر.
■ ومتى ينتهى مشروع تعديل اتفاقية «اليونيسكو» الذى كان قد أعلن عنه وزير الآثار السابق؟
- لا يوجد تعديل فى اتفاقية «اليونيسكو» ولكن هناك إعادة نظر فى القواعد واللوائح التنفيذية الخاصة باتفاقية «اليونيسكو»، لأن المسألة ليست بهذه البساطة هناك دول تجيز الاتجار فى الآثار، وبالتالى تجد أن الحد من الاتجار فى الآثار بأى شكل من الأشكال يتنافى مع مناهجها، وهناك دول من بينها مصر تعمل على استعادة الآثار الموجودة فى الخارج والحفاظ على الآثار الموجودة فى الداخل، وهذا للأسف الشديد بدأ يتناقص حجم المعنيين به، ونقصد بالمعنيين به القائمين عليه على المستوى الحكومى فى مصر أو الدول التى مثلنا، حيث نسعى بشكل كبير إلى أن ندفع بالتعديلات على قواعد اتفاقيات «اليونيسكو»، ولكن للأسف هناك فريق آخر يحارب ذلك ويحاول إيقاف أى تعديلات ممكنة نتيجة ضغوط داخلية لديه، أو لأنه من المستفيدين من تجارة الآثار، وهناك عدد من الدول تسمح بالاتجار فى الآثار بآسيا وأوروبا فيما تعانى الدول العربية بشدة من استباحة آثارها.[SecondQuote]
■ كيف يمكننا وقف عملية الاتجار فى الآثار المصرية عبر مواقع الإنترنت وعبر صالات المزادات؟
- نعمل حالياً على مستويين، الأول نحاول صياغة اتفاقية دولية خاصة بالمتاحف، ولكن هذه الخطوة تحتاج إلى مزيد من الوقت كى نصل إلى صياغة تحظى بتوافق الآراء، إلا أننا نسير فى هذا الاتجاه، وهناك دعم من عدد كبير من الدول مثل البرازيل وعدد من الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية. ومن ناحية أخرى نسعى لإصدار إعلان دولى عن «اليونيسكو» لوقف عمليات النقل والاتجار غير المشروع بالآثار، خاصة فى حالة خروج هذه الآثار من الدول التى تجرم مثل هذا الانتقال للقطع الأثرية إلى الخارج، كما هو الحال فى مصر. ومع ذلك فأمامنا فى مصر مجهود خرافى يتمثل فى ضرورة توثيق جميع القطع الأثرية، خاصة النادرة منها أو التى لها قيمة كبيرة، حيث يساعدنا ذلك فى إثبات أن هذه القطع مسجلة لدينا، وبالتالى تسهل على الحكومة المصرية عملية استعادة هذه القطع الأثرية إذا خرجت بشكل غير مشروع مستقبلاً. وبالتالى لا يمكن لمصر الدفاع عن آثارها المسروقة إلا بعد أن نقوم بعملية توثيق لتراثنا وآثارنا على أوسع نطاق ممكن.
■ ولماذا لا نسترد جميع القطع التى فشل أصحابها فى إثبات قانونية امتلاكهم لها؟
- القانون لا يسمح بذلك، والقاعدة الشرعية تقول البيّنة على من ادعى، فطالما أنه لم يتم إلقاء القبض عليه أثناء ضلوعه بالسرقة، لا يمكننا إثبات ملكيتنا للأثر، وطالما ادعيت عليه يجب إثبات سرقة القطعة وإثبات أنها سرقت قبل صدور قانون حماية الآثار عام 1980، ونحن لدينا عدد غير نهائى من الآثار المصرية المكتشفة وغير المكتشفة وشهدت الأعوام الثلاثة عمليات حفر غير مشروعة بالجملة وبزيارة واحدة لـ«جوجل إرث» سنكتشف تلك العمليات بكل سهولة.
■ تمت إحالة بعض ملفات فساد مشروعات القاهرة التاريخية للتحقيق.. هل كان لذلك تأثير على برامج دعم «اليونيسكو» للمنطقة؟
- مشروع تطوير القاهرة التاريخية بدأ بين «اليونيسكو» والحكومة المصرية عام 2010 ولا يزال مستمراً حتى الآن، وهناك تنسيق بين وزارة الآثار ومحافظة القاهرة لاستئناف تنفيذ المشروع. وتمويل هذا المشروع الضخم يأتى من مصادر وطنية خالصة. فإذا ما كانت هناك حالات فساد تم اكتشافها أو مشتبه فيها فيجب إحالتها من خلال الجهات المعنية للنيابة العامة للتعامل معها، وهذه مسألة داخلية لا شأن لليونيسكو بها.
■ هل عانيت بعد 30 يونيو من الشائعات التى روجها الإخوان خارج مصر؟
- عانيت كثيراً بسبب بسيط ألا وهو أن المظاهرات التى قاموا وما زالوا يقومون بها تطال المنطقة التى نوجد بها أثناء اجتماعاتنا، خاصة وقت اجتماعات المؤتمر العام لليونيسكو العام الماضى، وكان المنظر مؤسفاً، حيث كان الإخوان يستغلون وجود الوزير المصرى أو الوفود المصرية فى المؤتمر العام لليونيسكو الذى انعقد فى شهرى أكتوبر ونوفمبر وكانوا يأتون أمام المنظمة لمحاولة الإساءة لصورة مصر، لكن لم نتأثر بذلك وخضنا انتخابات المجلس التنفيذى وفزنا بأعلى الأصوات ثم خضنا انتخابات رئاسة المجلس التنفيذى وفزنا بأعلى الأصوات، وفى رأيى أننا استعدنا دورنا الإقليمى، وعلى من يريد أن يشكك فيما يحدث فى مصر عليه أن ينظر إلى ما يحدث فى بعض الدول العربية الشقيقة مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، المسألة لم تكن مسألة انقلاب كما يدعى البعض أو حتى مسألة توصيف لما حدث، المسالة أعمق من ذلك بكثير، وعلينا التساؤل ماذا لو استمر الحال على ما كان عليه كانت مصر ستتحول إلى سوريا جديدة أو عراق جديدة.[ThirdImage]
■ وهل أثرت تلك الشائعات على صورة مصر فى الخارج؟
- تغيرت الصورة كثيراً، حيث استطعنا السير فى خطوات إرساء الديمقراطية بوضع الدستور والاستفتاء عليه وانتخاب الرئيس، الأوضاع تأخذ طريقها إلى الاستقرار ولكن نحتاج إلى صبر وتحمل وطول نفس لتحقيق مصلحة إقليمية ووطنية أهم، لأن هذا ثمن قليل أمام الخسائر التى كان من الممكن أن نعانى منها، وأنا شخصياً خضت نقاشات عدة لتصحيح الصورة منذ 30 يونيو واستعنت بالصور والبيانات الصادرة من وزارة الخارجية وفى النهاية جميع الشائعات تأخذ وقتها وتنتهى.
■ عملت فى ظل حكم الإخوان هل كان فى ذلك عبء عليك؟
- كانت هناك حكومة إخوانية، لذلك لجأت إلى أن يتركز عملى فى تحقيق أكبر مصلحة لمصر وبالطبع واجهنا بعض المشاكل حيث لم تلق الحكومة الإخوانية بالاً بوقف التعديات على المناطق الأثرية، وهو ما دعا لجنة التراث العالمى فى اجتماعها الأخير إلى توجيه لوم كبير إلى مصر لأنها لا تحترم التراث العالمى، وطالب البعض برفع القاهرة التاريخية من قوائم التراث، وكان هناك نص صريح بوضع القاهرة التاريخية على قوائم التراث المهدد بالخطر، وأنا لى رسالة أوجهها من خلال «الوطن»، كفى النظر إلى الوراء، أتمنى أن نسمع ماذا سنفعل، ما فات فات وما انتهى انتهى.
■ وما موقف المنظمة من القاهرة التاريخية؟
- «اليونيسكو» ألزمت مصر بتقديم تقرير شامل عن حال القاهرة التاريخية فى فبراير المقبل، لأن هناك شكاوى قدمت عن وجود تعديات وإقامة مبان تخرج عن نسق المكان، وطالما المنطقة على قائمة التراث العالمى فـ«اليونيسكو» لها الحق فى التدخل لضمان الحفاظ عليها، وقد بدأت الحكومة العمل وتم تشكيل لجنة وزارية لمتابعة أعمال إعادة المنطقة إلى ما كانت عليه قبل الثورة.
■ هناك بعض الأثريين يرسلون خطابات لليونيسكو تطالبها بالتدخل لضمان حماية بعض المناطق الأثرية فهل لمثل هذه الخطابات مردود عالمى؟
- يستطيع أى شخص أن يرسل خطاباً أو شكوى بالنسبة لأى موقع مدرج على قائمة التراث العالمى بأنه لا يحظى باهتمام أو رعاية الدولة التى يوجد على أرضها هذا الموقع. وعلى لجنة التراث العالمى أن تستوثق من هذه الشكاوى وذلك عن طريق الاتصال بشكل مباشر مع الدولة المعنية. وقد تطلب «اليونيسكو» ولجنة التراث العالمى تقديم هذه الدولة لتقرير فنى بحالة الموقع وإجراءات المحافظة عليه. وتبحث لجنة التراث العالمى التقارير التى تقدمها الدول فى اجتماعاتها السنوية. وللجنة التراث العالمى أن تطلب من المنظمة الدولية ذات الخبرة الفنية والمعنية بذلك وهى منظمة الأيكوموس دراسة التقرير، وقد تطلب منها القيام بزيارة مرة أو أكثر للموقع. ويتوقف تعامل لجنة التراث العالمى مع هذه الشكاوى طبقاً لما يرد بالتقارير الفنية. فإذا ما وجدت أن هناك تدهوراً شديداً فى حالة الموقع فيمكن أن تقرر اللجنة نقل الموقع على قائمة التراث المهدد بالخطر لتحفيز الدولة المعنية للعمل بشكل جاد لمعالجة أوجه القصور بالنسبة لهذا الموقع، وتتابع اللجنة الموقع بشكل سنوى إلى أن تثبت لها عودة الوضع إلى ما كان عليه، ففى هذه الحالة تقرر أن يعود الموقع على قائمة التراث العالمى.
■ تدعم المؤسسات الدولية مشروعات الآثار، ما قيمة المنحة التى حصلت عليها الآثار من «اليونيسكو» لاستكمال مشروعاتها؟
- المنح ترتبط بمشروعات وطالما المشروعات قائمة فإن المنح تأتى، وللأسف الشديد لم تطرح على «اليونيسكو» أى مشروعات أثرية طوال العامين السابقين، ولم نتلق طلبات لاستكمال متحف الحضارة أو المتحف المصرى الكبير.[ThirdQuote]
■ اهتمام «اليونيسكو» لم يتوقف عند الآثار بل امتد إلى التعليم، فهل هناك مشروعات خاصة بتطوير العملية التعليمية فى مصر؟
- مع اهتمام الحكومة المصرية وسعيها لإنهاء المشروعات كان من المهم جداً أن تقوم «اليونيسكو» والمنظمات الأخرى بالظهور وتقديم الدعم الفنى والتدريب فى مجال التعليم، لذا عمدت بعثة «اليونيسكو» الثانية إلى بحث دعم العملية التعليمية فى مصر، وتلك البعثة كان من المفترض أن تقوم بهذه الزيارة منذ فترة طويلة، لكن نتيجة عدم الاستقرار الذى كان مسيطراً على المشهد المصرى والتعديلات الوزارية الكثيرة كان من الصعب أن تنفذ هذه المهمة خلال الفترة الماضية إلا أنه وبعد استقرار الأوضاع فى مصر واختيار حكومة لها رؤية، أصبح هناك رئيس دولة يهتم بقضية التعليم ويضعه ضمن أولويات التنمية ويهتم بالمعلم وبطلاب العلم وتكريمهم، كما شهدت الفترة الماضية فتح الباب لتعيين 30 ألف معلم مرة واحدة، ودائماً أبداً يتم تكرار أن المعلم هو أساس العملية التعليمية، وأن الاهتمام بالمعلم يأتى فى المقدمة، وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية، كما أن الحكومة المصرية قامت بتبنى استراتيجية جديدة فى مجال التعليم ونقلت وسائل الإعلام أن وزير التربية والتعليم ناقش هذه الاستراتيجية تفصيلاً مع رئيس الجمهورية لفترة ما بين 2014 و2030 وبناء حوالى 1130 أو 1145مدرسة هذا فى الفترة الحالية وتعيين 30 ألف معلم ليس إلا دليلاً واضحاً جداً على الاهتمام بالعملية التعليمية.
■ وهل من الممكن أن نشهد دعماً من «اليونيسكو» لبناء مدارس بمصر؟
- «اليونيسكو» ليس لها دور فى إنشاء المدارس، والحكومة المصرية توفر هذا التمويل، لكن الهدف الأساسى الذى قامت به بعثة «اليونيسكو» كان مناقشة قضية محو الأمية، فطبقاً للتقرير الصادر عن الجهاز المركزى للإحصاء هناك 26% من الشعب المصرى لا يقرأ ولا يكتب، وهذا رقم لا يمكن معه تنفيذ أى خطة للتنمية، وبالتالى هذا أول هدف لليونيسكو، وفى سبيلنا لتحقيقه قامت بعثة «اليونيسكو» بزيارة إلى مركز سرس الليان التعليمى فى محافظة المنوفية، الذى كان تابعاً لليونيسكو وانتهت علاقتها به سنة 1981، حيث قررت الحكومة وقتها تعديل اللائحة الداخلية والقوانين الخاصة بالمركز، وهو ما دعا «اليونيسكو» للانسحاب، وهو ما كان له أثر سلبى على المركز حتى استطعنا إعادته إلينا من جديد أكتوبر الماضى، أما الغرض الثانى الذى كان يشغلنا جداً فهو قضية أطفال الشوارع، الذين يقدر عددهم طبقاً لإحصائيات المجلس القومى للطفولة والأمومة 2 مليون طفل.
وهى ظاهرة لا تتعلق بوزارة التربية والتعليم وحدها وإنما هناك عدد من الشركاء، وفى رأيى أن وزارة التضامن الاجتماعى تلعب دوراً رئيسياً من خلال الإصلاحيات التى تتبع الوزارة ولا يتم استخدامها بالشكل الأمثل ومن الممكن أن يتم تطويرها وإيجاد بيئة مناسبة لهؤلاء الأطفال ودمجهم فى المجتمع بشكل سليم، ومن ثم النظر إلى كيفية تدريب هؤلاء الأطفال، ومفهوم الطفل جاء هنا من يوم إلى 18 سنة، وبالتالى لا بد أننا نسعى إلى إيجاد وسيلة يكتسب منها المهارات التى تمكنه أن يكون عنصراً صالحاً فى المجتمع، وليس عنصراً سلبياً فى مواجهة المجتمع ويؤثر عليه.
■ وهل من الممكن أن تتبنى «اليونيسكو» إنشاء مدن لأطفال الشوارع على غرار المدن الموجودة ببعض المدن العربية؟
- هذا ما نسعى إليه اليوم، وكان الكلام بوضوح مع رئيس الوزراء أن البعثة حينما أتت وقفت على عدد من الحقائق والمعلومات، حيث إن «اليونيسكو» ليست منظمة مالية وبالتالى لا تستطيع تقديم دعم مادى لكن تستطيع عمل تقارير وتراجع المخططات المالية الزمنية وتناقش مع شركاء التنمية مثل البنك الدولى أو هيئة المعونة الألمانية أو هيئة المعونة الأمريكية أو منظمة اليونيسيف لتوفير موارد مالية، وما يتوفر لنا من موارد مالية فى مثل هذه المشروعات يتم العمل طبقاً للبرامج التى سوف تقترحها «اليونيسكو» وتعتمدها الحكومة المصرية.
■ وما دور «اليونيسكو» لحل أزمة سد النهضة؟
- سد النهضة حتى تاريخه يتم التعامل معه من خلال الثلاث دول المعنية به ولم يذهب أى منها لأى محفل دولى.
■ وهل من الممكن حل الأزمة إذا لجأت مصر للأمم المتحدة؟
- إذا ما لجأت مصر لليونيسكو لطرح حلول عملية وعلمية وليست سياسية فـ«اليونيسكو» ليست جهة حل نزاعات سياسية ومن الممكن تدخل «اليونيسكو» لإيجاد حلول عملية تجنبنا الصراع السياسى، فنحن لدينا برنامج لليونيسكو يسمى «من النزاع للتعاون» فى مجال المياه وغير صحيح أن «اليونيسكو» مولت سد النهضة فنحن لسنا جهة نزاع.
■ وكيف كانت استجابة الحكومة الحالية للبرامج معكم والبعثات؟
- لم أر فى حياتى استجابة مكثفة من الحكومة المصرية بهذا الشكل وأنا أتعامل مع الحكومات المصرية المختلفة منذ 2012 ولم تكن هناك بعثات بسبب عدم الاستقرار من ناحية والغياب الأمنى من ناحية ثانية، وكان هناك تخوف من إرسال أى مبعوث دولى، فطالما لا يوجد استقرار لن تسمح أى منظمة دولية لمبعوثيها بالسفر، حيث يجب أخذ موافقة من الأمم المتحدة قبل الذهاب إلى أى دولة تكون بها مشاكل، وبالتالى كانت الأمم المتحدة لا تعطى لهم هذه الموافقة، أما الآن فالمسألة استقرت وبدأت تأخذ شكلها الطبيعى مرة ثانية وعادت «اليونيسكو» لتكون فى مقدمة البعثات أو المؤسسات الدولية التى تعود لمصر بقوة مع العديد من البرامج فى مجالات التنمية.
■ ما شكل الاهتمام المكثف من الحكومة؟
- ظهر اهتمام الحكومة جلياً، فبالرغم من المشاكل الاقتصادية التى تواجهها الحكومة والمشروعات العملاقة التى تدشنها ومهمتها فى إعادة الأمن إلى الشارع المصرى كان من الممكن أن تتحجج الحكومة بذلك وتطالب بتركها لحل المشكلة الأمنية أو الاقتصادية إلا أنها وبالرغم من ذلك اظهرت اهتماماً كبيراً بالتراث والثقافة والآثار، حيث قام رئيس الجمهورية بعقد أكثر من لقاء مع وزيرى الثقافة والآثار، وتم تشكيل لجنة وزارية لإنقاذ القاهرة التاريخية، وتدخل رئيس الجمهورية للوقوف على وضع هرم سقارة وكذا التعليم ومحو الأمية، وهو ما يدفعنا كمؤسسات دولية للعمل على معرفة المشكلات وحلها.