إسدال طالبات مدرسة نشا بنبروه لم أعتبره حدثاً عارضاً أو مجرد موضة أو تبرعاً وعمل خير من رجل أعمال يسعى لنشر العفة أو كما قال مسئول التعليم فى الدقهلية حماية لبنات منطقة بعيدة من تحرش الشباب.. إلخ، ولكننى اعتبرت هذا الزى الإيرانى ردة فكرية ونذير كارثة قادمة، قرأت المشهد بعين مختلفة، لأننى أعرف أن بداية سيطرة الإخوان كانت بالملابس، فأنا واحد ممن حضروا كلية الطب أثناء بداية ثم سيطرة الجماعة الإسلامية الإخوانية على الجامعة، شاهدت سيناريو السيطرة والتوغّل والتغلغل لايف على الهواء مباشرة، والذى حكى عصام العريان نبذة عنه فى ما بعد أثناء تولى «مرسى» الإخوانى وجماعته الحكم.دخلت الكلية وبنات دفعتنا زميلاتنا لم تكن بينهن طالبة ترتدى الطرحة، بدأ توزيع الطرح أو ما أطلقوا عليه الأحجبة وقتذاك، وكانت تسمية جديدة وغير متداولة وقتها، تعرّفنا عليها من خلال كتب المودودى الباكستانى، كان عصام العريان فى السنة النهائية مسئولاً عن اللجنة الثقافية لاتحاد الطلبة، وكنا ما زلنا نتحسس خُطانا، كانت البداية بفصل قسرى للطلبة عن الطالبات، ثم قطع المحاضرة بالأذان وقراءة القرآن، ثم ابتدأ توزيع الطرحة مع المذكرات والكتب المزورة الطبية الرخيصة التى كانت تبيعها الجماعة الإسلامية، وتزامنت مع منع الحفلات وإلغاء نشاط المسرح واقتصار العروض على أصحاب الأخدود وخزاعة وحذيفة.. إلخ، لكن أسرع وسيلة للسيطرة كانت الطرحة أو الحجاب، الذى تطور بعدها إلى النقاب، حتى تخرجنا و٧٥٪ من الطالبات محجبات، وبدأت رحلة مصر مع تسلل الإخوان إلى مفاصل البلد، بداية من تلك اللحظة، وليس هذا كلامى ولكنه كلام قيادة مهمة من قياداتهم وهو د. عصام العريان، فالزى هو أسرع لوجو تستطيع به التمييز وفرض سيطرتك على الشارع، أفضل من السيطرة باللحية للرجال، لأن الشيخ يكون ملتحياً والحاخام والقسيس وكارل ماركس، لكن الطرحة والنقاب سرعان ما تميز وتفرز.
والآن وبعد أن تحولت الطرحة إلى زى شعبى اتخذ صوراً مختلفة بحيث لم يعد رمزاً إخوانياً، وبدأت أشكال وألوان متجدّدة ومختلفة من أغطية الرأس ما بين السبانيش والبونيه والخمار والإيشارب.. إلخ، وضاع وتهافت وخفت الرمز التمييزى الواضح، صار اللجوء إلى الشادور الإيرانى أو الإسدال طلباً ملحاً مثله مثل القمصان البنية والزرقاء وأفارولات الحزب الشيوعى الصينى، ولذلك أشك فى أن نية رجل الأعمال الذى تبرع بالإسدال لبنات المدرسة لمدة خمس سنوات متتالية نية طيبة، وأعتقد بل أكاد أجزم بأنه مخطط إخوانى واضح للسيطرة على البنية التحتية الفكرية للشباب، والبداية مع الطرف الأسهل وهن البنات اللاتى ضغط عليهن المجتمع وجعلهن أعداء لأنفسهم مبررات للقهر والانسحاق بل سعيدات به، تم تزييف الوعى عندهن وتصوير القيود على أنها غوايش وخلاخيل ذهبية.
المسألة جد خطيرة ولا بد أن تؤخذ بجدية وحسم وتفكير فى مستقبل هذا الوطن الذى لا يريد أن يكرر تجربة عصابة الإخوان.