علاقة الرؤساء بالقضاة: بدأت بـ«مذبحة ناصر»..وانتهت بالتوافق مع السيسي
اتسمت علاقة القضاة ورؤساء مصر بالشد والجذب منذ ثورة 1952، وكان لكل رئيس، بدءاً من محمد نجيب وحتى عبدالفتاح السيسى، علاقته الخاصة بالسلطة القضائية، سواء من حيث التوافق أو الاختلاف، حيث كان لكل رئيس منهم أسلوبه الخاص مع المؤسسة القضائية، سواء بسبب قوانين أو مواقف سياسية.
بدأت العلاقة بتصادم بين الرئيس محمد نجيب والقضاة، بقيادة المستشار عبدالرازق السنهورى، بعد رفضهم إصدار قانون الإصلاح الزراعى فى التاسع من سبتمبر عام 1952، ثم جاء الصدام الثانى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى أطلق عليه «مذبحة القضاة»، حيث تردد أن «عبدالناصر» أراد بعد نكسة يونيو 1967 تشكيل تنظيم سرى بين القضاة، وعمل على تحويلهم إلى أعضاء بالاتحاد الاشتراكى وإخضاعهم لهيمنة السلطة، ما أدى إلى غضب بين القضاة نقلوه إلى وزير العدل فى ذلك الوقت عصام الدين حسونة، الذى نقل بدوره رأيهم إلى الرئيس جمال عبدالناصر، بالإضافة إلى ظهور المحاكم الثورية.
واقتصر تاريخ الصراع بين القضاة والرئيس الراحل أنور السادات على تصريحاته النارية ضدهم فى وسائل الإعلام والعلاقة الجافة بين الطرفين.
وعلى النقيض فقد شهدت فترة ولاية الرئيس الأسبق حسنى مبارك نوعاً من التوافق الذى شابه بعض المناوشات فى نهاية حكمه، فـ«مبارك» أعطى للقضاة العديد من الامتيازات، سواء المادية أو مد سن تقاعدهم، بينما كانت المناوشات وقتية بلغت ذروتها بعد حادث اعتداء الشرطة على المستشار محمد محمود حمزة، ثم إعلان بعض القضاة المشرفين على انتخابات مجلس الشعب عام 2005 عن وقائع تزوير حدثت فى حق العديد من المرشحين المستقلين.
وبدأ الرئيس المعزول محمد مرسى ولايته بخلاف معلن مع القضاة، خاصة المحكمة الدستورية العليا التى أصدرت حكماً بحل مجلس الشعب الذى كانت تحوز جماعة الإخوان أغلبيته أثناء فترة حكم المجلس العسكرى، فأصدر «مرسى» بعد توليه قراراً بعودة البرلمان المنتخب لحين انتخاب برلمان جديد، مما أثار حفيظة القضاة واعتبروه إهداراً لأحكامهم.
ثم عادت العلاقة إلى الاستقرار مرة أخرى فى عهد الرئيس المؤقت عدلى منصور، خاصة أنه رجل قضاء فى المقام الأول ويتقلد منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا، فضلاً عن أن فترة حكمه لم تتجاوز العام.
أما الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى فيسود العلاقة بينه وبين القضاة منذ توليه فى يونيو من العام الماضى تأييد متبادل وتوافق، كما لم يحدث حتى الآن ما يعكر صفو العلاقة بينهما.
ويعد «السيسى» هو ثانى رئيس مصرى يحضر عيد القضاة بعد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث عاد مجلس القضاء الأعلى لمباشرة أعماله فى عام 1984، بعد إلغائه عام 1969 فى فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، واعتبر ذلك عيداً لم يُحدد موعد للاحتفال به، وإنما كان الموعد يُحدد وفق مواعيد رئيس الجمهورية.
وكان أول الاحتفالات بدار القضاء العالى فى فترة تولى المستشار عادل عبدالحميد رئاسة محكمة النقض عام 2009، وفى 9 يناير 2011 أقيم ثانى عيد للقضاة حضره الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واستقبله حينها المستشار سرى صيام، رئيس محكمة النقض وعدد من رؤساء المحاكم، حيث استمر الاحتفال ما يقرب من ساعتين، وحصل «مبارك» حينها على هدية رمزية.
ثم توقف الاحتفال بعيد القضاة لـ4 سنوات، ولم يحتفل به الرئيس المعزول محمد مرسى، أو الرئيس المؤقت الانتقالى المستشار عدلى منصور، إلى أن قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى المشاركة فى عيد القضاة، وحصل أيضاً على هدية تذكارية.