بعيدا عن التنظيمات السرية التى تهدف للعنف والانقلابات السياسية والعسكرية والباحثة عن المجد المزور والسلطة والصور الباهتة الكاذبة، أحدثكم اليوم عن أعظم التنظيمات التى يمكن أن ننضم له جميعاً دون أن نقع تحت طائلة القانون، فمن أجمل المشاعر التى نعيشها وتمدنا بالسعادة والقوة وترسم الضحكات على وجوهنا، وتطلق ضحكاتنا لعنان السماء، وتقضى على أى صورة من صور القلق أو الألم أو الطاقات السلبية.
وتحفظ لنا ملامح الشباب وقوته مهما مرت بنا السنون ومهما أضيف لأعمارنا أيام وشهور وسنون (الحب)، الحب المجمع الغنى الوفير الشامل الدافئ المشبع المعطاء، والذى لا يعرف معنى النقصان أو الاختفاء، حيث لا يعرف ولا يخضع لأى عملية حسابية من علم الرياضيات إلا الجمع والإضافة والزيادة التى تصل إلى الفيضان، فيبدأ فى منح الجميع من المحيطين هبات لا ترد ولا تنقص مما لديه.
ففي طفولتنا نتعرف فى البداية على حب الأم ونذوب عشقاً وهياماً بها، لنجمع بعد أسابيع أو شهور قلب الأب إلى تلك المعادلة، وتسير بنا الحياة لنتعامل مع هذه العلامة المميزة، فنجمع الأحبة والأصدقاء والرفقاء والأبناء والأحفاد فى عمليات متتالية ناجحة دقيقة على مر سنوات العمر تسعدنا وتملأ صندوق الذكريات بأجمل الصور واللقطات.
وترسم علامات الإشباع والاستمتاع والجمال على وجوهنا، وفى بعض الأوقات تقسو علينا الأيام والأقدار، فتتبدل تلك العلامة بأخرى تعنى النقصان والألم والرحيل أو الهجران، إلا اننا اعتدنا النسيان والعودة سريعاً للحياة وسط القلوب المجمعة، لأن البقاء للأقوى، والقلوب المجمعة وقصص الحب هى الباقية المتفوقة على مر الزمان.
وكأن تلك الكلمة هى السر، حيث نلتقى فى الحياة كمجموعات من البشر، تحيطنا مجموعات من الأحداث والأعمال والوقائع، ومجموعات من السلاسل لشركات وبنوك وماركات عالمية وموسوعات، وحتى الدول تتعاون وتتفق، وتعلن بعد أن تندمج عن أسماء جديدة لكيانات تضمها معاً تضع لها رموزاً تتكون من أحرفها الأولى متشابكة، ولا يختلف فى ذلك الدول العربية أو الأفريقية أو الأوروبية وغيرها، فالجميع يبحث عن القوة والوجود والحياة، ولأنها للأقوى، كما أثبتت التجارب، فلا بد من تجميع ما يتشابه ويتوافق حتى نحصل فى النهاية على قلوب مجمعة.
ومن المثير أن نشاهد ونقرأ ونستمتع بأعمال أدبية مجمعة فى أشكال عديدة مختلفة، مثل ثلاثية نجيب محفوظ وألف ليلة وليلة ومغامرات السندباد البحرى وقصة كليلة ودمنة التى عشنا معها وتعلمنا منها الكثير ونحن صغار، وعادة عندما ينجح أحد هذه الأعمال المجمعة ورقياً يتسابق عليه المنتجون والمخرجون لتحويله إلى الشاشات، بحثاً عن نجاح سابق ومتوقع، ومن السهل أن يتكرر لأن المشاهدين يرتبطون بأحداثه وشخصياته، وينتظرون الجديد والقادم والمستقبل معهم.
وفى الحياة المجتمعية الراقية قديماً وحديثاً شاهدنا وتابعنا الأنشطة الخيرية، التى تحيط المحتاجين والمرضى غير القادرين، وتقيم المشروعات التى تدر دخلاً لرعاية الكثير من الفئات، كذلك الحفلات السنوية والأسواق الخيرية، وتكريم المستحقين من مختلف الفئات، وجميعها ليست إلا نتاج القلوب المجمعة الباحثة عن جميع صور الحب وترجماته ومعانيه.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، ففى عالم الإنشاءات والعمارة والسكن والعمل والتعليم والصحة والبحث عن الدواء والأمان والصحبة والترفيه، عندما تصبح جميع الخدمات فى مكان واحد فتحولنا بصورة تلقائية إلى المواقع المجمعة بحثاً عن الدفء والاكتفاء.
فرأينا المجمعات الطبية الضخمة والمجمعات التعليمية والترفيهية والثقافية والتجارية والسكنية وحتى مشروعات الدولة بدأت تختار أسماء لمواقعها السكنية تعبر عن ذلك الاتجاه، مثل (سكن العائلة) و(دار الوطن) وغيره والذى يمكن ترجمته بطريقة بسيطة وصريحة إلى أننا جميعاً فى حاجة إلى القلوب المجمعة وإلى حياة دافئة تضمنا فى حزمة واحدة كما لو كنا فى مبنى الأمم المتحدة العالمى.
فهيا نقوم بعملية تغيير شاملة للنفوس والقلوب وننضم لهذا التنظيم العاطفى.