فى زمن الآهات والاحلام المجهضة والمجهدة والامانى المؤجلة واللمسات التى تحرمنا منها الايام والاهتمام المفقود والاحبة البعاد والجدرانالتى تشع برودة قارسة والأعياد التى لا تجيئ، والهاتف الذى توقف رنينه، ولم يبق منه إلا همسات ضعيفة، تعني وصول رسالة أو صورة لا تشبع القلوب، ولا تمتعها.
والانتظار الذى لا ينتهى وكأنما يسير الزمن ببطء وملل ولا يتعجل اى شى لانه لا يملك خريطة للطريق حيث سلماوراقه كاملة لاعتماده ولياً على محبيه ونسى او تناسى ان يحتفظ حتى بقصاصات من تلك الخريطة للذكرى.
وفى أيام أخرى، تدور الأحداث بسرعة جنونية مخترقة ومحطمة لجميع القوانين غير عابئة بأجهزة تتابعها وتشاهدها وتوقع عليها الغرامات والجزاءات محاولة انتعرقل مسيرتها فى رحلتها للبحث عن مجد لأصحابها وحسابات بأرقام فلكية وصور تكريم واخرى لحفلات الصفوة و نجوم المجتمع وثيابجميعها تحمل توقيع يشير لصاحب الفكرة واللون والخطوط ولارقام بالالاف دفعت ثمناً لها و مبانى بلا نسب تفقد الهوية المعمارية بحثاً عنالتفرد والتميز القبيح تزداد الام ودموع الوجد.
والوجد طبقاً لما كتب عنه وفسرته قواميس اللغة العربية له العديد من المعانى فإذا قلنا ان فلاناً به وجد فهو شغوف واذا أرقه الوجد فهو الحب ويقال أيضاً وجد فلان وجداً اى حزن، اما فى الفلسفة والتصوف فالوجد هو ما يصادفالقلب ويرد عليه دون تكلف و تصنع من فزع او غم او رؤية معنى من احوال الآخرة او هو لهب يتأجج من شهود عارض للقلق .كما ان لهمراتب لدى الصوفيين وهى التواجد والوجد والوجود وهو المرتبة العليا والاخيرة.
وقد اتفق علماء النفس مع معنى هذه الكلمات وتفسيرها واثرها على الانسان ومعاناته عندما يقع تحت تأثيرها وبحثوا عن أساليب علمية واستراتيچيات نفسية محددة للتخلص من آثارها، وفى دراسة نشرتها دورية طبية (چورنال اكسبيرمنتال سيكولوچى)، أكد الأطباء أن البعض منا عندما يتعرض لتجربة قاسية او صدمات غير متوقعة يظن ان الوقت وحده كفيل بالتغلب على تلك المشاعر السلبية التى تسيطرعليه الا ان العلم له رأى آخر حيث تؤكد جميع النظريات المعتمدة ان القدرة على التعامل مع تلك الالام هى فى الحقيقة مهارة لا بد اننتعلمها ونتدرب عليها لنجتاز تلك الازمات القاسية.
وقد وضعت الدراسة عدة توصيات لخصت الطريقة المثالية والاكثر نجاحاً للتخلص منالالام النفسية التى تطيح بالامان والهدوء وقد يصل تأثيرها للاكتئاب الشديد والابتعاد عن المجتمع والتوقف عن العمل تماما، وكان اهمها (الإلهاء) وهى استراتيچية معتمدة فى علم النفس وتعتمد على تغلب الشخص على مشاعره السلبية من خلال الانخراط فى بعض النشاطاتالتى تملأ وقته مثل العمل بجدية اكبر ووقت اطول من المعتاد او بدء ممارسة هواية جديدة اذ يساعد الالهاء على الحد من الاجهاد الفكرىعلى الاقل فى المدى القصير والسيطرة على الاحزان والاحساس بالمشاعر السلبية.
ويلجأ الاطباء فى رحلة تخلص من يعانون من الوجدوآهاته ودموعه الى اقناعهم ب (التقبل) وهو مواجهة المشاعر والافكار المتعلقة بالماضى والشعور بها وعدم الهرب منه لينتقلوا بعد ذلك الىمرحلة الشفاء من تلك المعاناة بـ(التأمل)، والذي يعتبر من أهم السبل وأفضلها، لتحقيق الرفاهية والصحة النفسية والتحكم بأعراض العديد من الاضطرابات، حيث يساعد على ضبط الانتباه وتحويله الى التركيز على اللحظة الراهنة فيغادر الماضى الذى يؤلمه ويخرج من دوامتهويتخلص من دموع الوجد وآلامه.