يلفت النظر وأنت تطالع الأخبار والأرقام والإحصائيات أن مستشفى قصر العينى -أكبر مشافى جامعة القاهرة ومصر كلها- يتم تطويره بالتعاون مع مؤسسة مالية عربية عريقة فى هذا النوع من الأعمال هى «بيت التمويل السعودى»، ويلفت النظر أكثر أن يكون مبلغ التمويل بقيمة 5 مليارات جنيه!!
فهذا الرقم غير مسبوق فى مصر كرقم مقطوع لمشروع طبى واحد ومحدد، ليس لبنائه من جديد وإنما لتطويره، ومع ذلك يلفت النظر أكثر وأكثر رقم آخر تردده قيادات «قصر العينى» ورجال إدارة العلاقات العامة والإعلام بجامعة القاهرة يقول إن الجامعة اتفقت على مشاريع طبية فى مستشفياتها بمبلغ قدره مليار و300 مليون جنيه من الموارد الذاتية! «موارد ذاتية»؟!
هل استطاعت الجامعة تدبير مبلغ بهذا المستوى من جهودها الذاتية؟!
هل هى مخصصات وجهت إلى مسار آخر أم باقى مخصصات لم تصرف أم استثمارات داخلية للجامعة عادت عليها بهذا المبلغ أم خليط من كل ما سبق؟!
ربما يكون ذلك من أسرار العمل داخل الجامعة، ما يعنينا هو ما سيعود على المواطن المصرى الذى تسعى والمفترض أن تسعى كل مؤسسات الدولة لإسعاده فما بالنا إن كنا أمام حق رئيسى من حقوقه وهى الخدمات الصحية؟ ومن هنا يفرض السؤال نفسه: ماذا يجرى فى مستشفيات جامعة القاهرة بالضبط؟!
كيف لكثيرين أن يقولوا ذهبوا وأجروا أشعاتهم وتحاليلهم وعولجوا وغادروا ولم يدفعوا شيئاً؟!
كيف تستوعب هذه المستشفيات كل ضغوط الاحتياجات الطبية المتصاعدة والمتزايدة فى مصر؟!
الأسئلة مهمة وضرورية خصوصاً عندما نجد إعلام الشر يردد فى بلاهة أنه «لم يحدث أى شىء فى مجال الصحة فى مصر»! متجاهلين أنها من الملفات التى لها شهودها ممن استفادوا منها سواء فى الخدمات الصحية الأساسية المباشرة أو فى المبادرات الرئاسية الممتدة من علاج فيروس سى، إلى إنهاء قوائم الانتظار فى العمليات الجراحية، وما بينهما من مبادرات تخص المرأة والطفل..
ولما كنا تحدثنا فى هذه السلسلة عن المستشفيات الجامعية بمرور عابر نظراً لكثافة التفاصيل لذا يحق اليوم التوقف هنا فى مستشفيات جامعة القاهرة لنعرف ونتعرف على ما يجرى.. خصوصاً أننا نحتاج -كشعب وكوطن- للمزيد من الخدمات والمؤسسات الطبية، كما نحتاج إلى تطوير البشر للتعامل الأنسب مع المواطن، ولتكن إذاً الأرقام والإحصائيات سبيلنا إلى ذلك باعتبارها اللغة الأصدق والوسيلة الأهم والأسرع التى يمكن تقييمها والقياس من خلالها!
وحتى نستوعب حجم الموضوع علينا أن نعرف أن عدد مستشفيات جامعة القاهرة 17 مستشفى ومعهداً أهمها على الإطلاق: مستشفى المعهد القومى للأورام، ومعه مستشفى قصر العينى التعليمى الجديد ومستشفى المنيل الجامعى ومستشفى الأمراض الباطنة ومستشفى الطلبة ومستشفى الأطفال الجامعى الجديد والعيادة الخارجية، فضلاً عن المعاهد والمراكز، هذه العيادات الطبية الخارجية -الخارجية فقط- استقبلت فى العام الماضى 2022 ما يقارب، ووفقا للتقرير المقدم إلى رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت ضمن متابعته الدائمة لما يجرى، من نحو 1.5 مليون مريض على العيادات الخارجية والاستقبال.
50% من المرضى تم استقبالهم بالمستشفى عن طريق الطوارئ و27% عن طريق العيادات و17% تحويلات من مستشفيات أخرى سواء الجامعية أو التابعة لوزارة الصحة و6% إعادة دخول مرة أخرى لاستكمال العلاج!الأرقام الكبيرة المذكورة سببها عملية تطوير المستشفى، خصوصاً قسمى الاستقبال والطوارئ طبقاً للكود العالمى، حيث زاد من 700 متر إلى 7000 متر مع تجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية العالمية للطوارئ ليصبح وفق كود مستشفيات الطوارئ الدولية!
وذلك بإضافة عدد من الأقسام الطبية منها قسم العزل بغرفتين مخصصتين عزلاً وقسم الإقامة القصيرة وإمداده بـ44 سريراً وقسم طوارئ القلب والعصبية وتزويده بجهاز لإذابة الجلطات وجهاز ECO و7 أسرة وقسم الفحص الأولى بـ17 سريراً، بالإضافة إلى جناح العمليات وتجهيزه بغرفتى عمليات وغرفة الصدمات بـ4 أسرة وإضافة معمل طوارئ للمستشفى وبنك للدم.
كما تم رفع كفاءة قسم الأشعة بالمستشفى وزيادة عدد الأجهزة لتصبح جهازين بدلاً من جهاز وزيادة أجهزة الأشعة العادية لتصبح 3 أجهزة وزيادة عدد أسرة مستشفى الاستقبال والطوارئ من 25 سريراً إلى 113 سريراً وزيادة أسرة الرعاية المركزة من 5 إلى 13 سريراً وزيادة عدد أسرة قسم العظام إلى 8 بدلاً من 4 وزيادة أسرة قسم الحوادث والنزيف من 3 إلى 9 وإضافة واستحداث شبكات مقاومة وإنذار الحريق وشبكة الغازات وشبكات التيار الخفيف والمراقبة ومحطة الكهرباء الداخلية تحسباً لأى أعطال فى الكهرباء!وهكذا انتهت المساحة المخصصة لما يرى فى هذا الصرح الضخم الذى يخدم مصر والأمة العربية كلها.. انتهى ولم نزل على باب المستشفيات حيث الطوارئ والاستقبال.. لكن ما يجرى مدهش ومذهل وللحديث بقية..