مِن عند «ثابت ثابت» نبدأ المقال الثانى عن مستشفيات جامعة القاهرة.. حيث تتملكك الحيرة إذا انتويت الكتابة عن تطوير هذه المستشفيات ولا تعرف من أين تبدأ.. لكن عند «ثابت ثابت» نتوقف.. حيث سنسمع هذا الاسم كثيراً الأيام القادمة.. مستشفى كبير يجرى الانتهاء منه بعد أن تعطل طويلاً.. لكن لماذا تعطل؟!
من هو ثابت ثابت أصلاً؟! أين ذلك المستشفى؟! المارون العابرون لشارع الهرم سيشاهدون اللمسات الأخيرة لمبنى ضخم فى قلب الشارع يشير إلى أنه مستشفى جديد مكتوب عليه أنه لـ«الأمراض المعدية» بما يوحى أنه متخصص إما فى الوبائيات أو لأمراض الجهاز التنفسى.. هذا المستشفى الكبير شامل التخصصات تقريباً ويحتل مساحة تقترب من 7500 متر.. لكن من هو «ثابت ثابت»؟!
صاحب الأرض؟ هو من يبنى المبنى الكبير؟! للأسف لا.. ثابت ثابت فى رحاب الله منذ سنوات وهو طبيب سورى عاش فى مصر، وتبرع بثروته لبناء المستشفى بمواصفاته الحالية كوصية منه.. الوصية أغضبت أقاربه ولجأوا للقضاء للحصول على الثروة والميراث.. فالميراث مُغرٍ وأرض لا تقل عن سبعين مليوناً من الجنيهات.. حتى حكم القضاء قبل ثلاثين عاماً بتنفيذ الوصية!
انطلق العمل الذى تأخر ليكون «ثابت ثابت» أول مستشفى جامعى فى محافظة الجيزة ليخدم مباشرة منطقتين (الهرم وفيصل) ولدعم مشروع المتحف الكبير.. سيتم إنشاء المستشفى وفقاً للأكواد الخاصة بالجودة التى تم وضعها من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية وسيتكون من جناح لعزل المرضى، كما سيكون به وحدة كبيرة للغسيل الكلوى، وغرف عمليات جراحية وغرف إقامة للمرضى، بالإضافة لبنك الدم والمعمل والعيادات الخارجية من خلال 250 سريراً منها حوالى 30 للرعاية المركزة وحوالى 15 سريراً للغسيل الكلوى، بالإضافة إلى غرف عمليات ووحدات للمناظير وقسطرة القلب وقسم للأشعة وعيادة خارجية.
مستشفى «ثابت ثابت» يضم 4 مبانٍ متصلة ببعضها تضم أسرة إقامة وطوارئ ورعاية وعزل وغرف كشف، وأخرى للأشعة بمعدات حديثة ومتقدمة وغرف عمليات جراحية وغرف إفاقة وغرف ملاحظة ووحدة تعقيم، حيث يتميز المستشفى أن كل غرفة به تحتوى على سرير واحد فقط لمواجهة الأمراض المعدية التى تخصصت فيها وبكل غرفة نظام طارد للهواء كإجراء احترازى أساسى لعدم نقل الأمراض!
وطبعاً كل ما سبق بالإضافة للمناظير والعيادات الخارجية.. المستشفى سيضم معهداً للتمريض وستكون أجرته رمزية لا تستهدف الربح..رقم آخر نتوقف عنده.. من بين الأرقام التى تستوقفنا.. مستشفى تكلفته 3.4 مليار جنيه! مستشفى واحد بهذه التكلفة؟! لماذا؟! وأين هو؟! وما تخصصاته؟! إنه أكبر مجمع طبى للأطفال فى الشرق الأوسط لتحسين أحوالهم الصحية وتوفير أفضل رعاية صحية وأفضل كوادر وأطقم طبية من الجراحين والتمريض كامتداد لمستشفيات طب الأطفال بقصر العينى وللوصول بالسعة السريرية بما يزيد على ثلاثمائة سرير إقامة ما بين أسرة تمريض وأسرة رعاية مركزة وحضانات!
وعلى أحدث مستوى وأيضاً طبقاً للأكواد، يتكون المستشفى من المبنى الرئيسى وفندق لإقامة أهالى المرضى المصاحبين لأطفالهم بدلاً من «بهدلتهم» فى فنادق وشقق مفروشة، وكذلك مركز للتدريب ومعهد للتمريض وكذلك سكن الأطباء والتمريض ومبنيان لخدمات غرف التكييف ومحطة الغازات والغلايات، كذلك 10 غرف عمليات مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية موزعة على جناحين؛ الأول خاص بعمليات اليوم الواحد و4 غرف للعمليات العامة والقسطرة القلبية والمناظير و5 غرف للجراحة لتخصصات القلب والصدر والمخ والأعصاب والعظام.
وأخرى لعمليات الطوارئ و10 وحدات رعاية مركزة لخدمة 100 مريض بين أسرة وحضانات بمختلف التخصصات! إن العمل فى أكثر من 65 مشروعاً بالقطاع الصحى لجامعة القاهرة بالتكلفة التى ذكرناها بالمقال الأول (5 مليارات جنيه) بالتعاون مع بيت التمويل السعودى ليس فقط للاستهلاك الإعلامى ولا لتسجيل مواقف للتاريخ، فالمشاريع على الأرض الآن تقدم خدماتها للملايين من المصريين والعرب.
لكن يلفت النظر التطور الهائل فى علم تأسيس وإدارة المستشفيات.. حيث إدارة عمليات التعقيم الفائقة وحيث استخدام الطاقة النظيفة فى إنارة وتشغيل المبانى وغرف العمليات وحيث التخطيط لوجود مستشفيات رأسية (جهاز هضمى وعملياته وتشخيصه.. قلب وعملياته وتشخيصه.. وهكذا فى العظام والمخ والأعصاب والرمد وكافة التخصصات) وبما يسمح بتراكم المعرفة والخبرات وتكامل الإمكانيات، وبالتالى إنجاز أكبر خدمات طبية ممكنة!
انتهى المقال دون أن ينتهى الكلام.. ولذلك لنا عن الملف كله مقال آخر.