في ختام هذه السلسلة من المقالات، من المهم الإشارة إلى أن إعلان البيت الأبيض، بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا، باستبعاد البنوك الروسية من نظام "سويفت" البنكي الذي يربط آلاف المؤسسات المصرفية حول العالم، لم يكن مفاجئاً لموسكو، ففي إطار المواجهة الروسية للسطوة المالية للولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، واستحدثت موسكو نظام ( SBFC ) أو ( إس بي إف سي ) لتحويل الرسائل المالية الخاص بها، ليكون بديلا إذا تم فصلها عن نظام "سويفت" (SWIFT) الدولي لتحويل الأموال، وجاءت تلك الخطوة من جانب روسيا على خلفية أزمة "القرم" في عام 2014 ، والعقوبات الغربية التي تعرضت لها بعد قيامها بضم شبة الجزيرة إليها.
وفي الأول من يوليو خلال العام الماضي 2022 أعلن البنك المركزي الروسي، عن انضمام 70 مصرفا أجنبيا من 12 دولة إلى نظام التعاملات الروسي البديل لشبكة "سويفت" العالمية، ورفضت "إلفيرا نابيولينا" رئيسة البنك، الكشف عن قائمة هذه المصارف حنى لا تطالها العقوبات الغربية ، مع استمرار الولايات المتحدة الأمريكية و دول الاتحاد الأوروبي بفرض المزيد من العقوبات .و مصطلح سويفت ( SWIFT ) هو الحروف الأولى للترجمة الإنجليزية لإسم جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك أو( The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications )و نشأت فكرة تأسيس الجمعية في نهاية الستينيات مع تطور التجارة العالمية ، وتم تأسيسها عام 1973 ومقرها الرئيسي بلجيكا ، ويديرها مجلس إدارة يتألف من 25 شخصًا ، وبدأت نشاطها الفعلي عام 1977 ، و يصل عدد المؤسسات المالية والبنوك المشاركة ما يقرب من 12 ألف مشترك موزعين على 209 دول ، و يتبادلون عشرات الملايين من الرسائل يوميا.
ورغم أن الجمعية تصف نفسها على أنها "أداة محايدة"، تأسست بموجب القانون البلجيكي ويجب أن تمتثل للوائح الاتحاد الأوروبي، إلا أن واقع الحال يؤكد خضوعها كغيرها من المؤسسات المالية العالمية لسطوة الولايات المتحدة الأمريكية .أيضاً كشفت تقارير بعض المؤسسات الاقتصادية الأمريكية عن قيام موسكو بدراسة استخدام العملات المشفرة ، رغم عدم جاذبية هذا البديل حتى الوقت الراهن.
ووفرت الصين أيضا نظام ( CIPS ) أو (سي أي بي إس) لتحويل الأموال ايضاً بين البنوك ، ليكون بديلاً لنظام " سويفت ".
و في أعقاب لقاء قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ، الصيني شي جين بينج، أعلن الكرملين عن خطط لتطوير نظام مشترك للرسائل المالية والمقاصة بين موسكو وبكين، يستهدف جذب عدة مصارف دولية، لصنع تكتل يكفي لردع التهديد بالعقوبات الاقتصادية الغربية .يبقى السؤال .. أين مصر من كل هذا الحراك لكسر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي؟، والمعروف أن الدولار يضغط على حركة الواردات المصرية بحوالي 80 مليار دولار سنويا، وجاء قرار البنك المركزي الروسي، باعتماد الجنيه المصري ، و9 عملات جديدة أختارها لتحديد قيمة صرفها أمام الروبل الروسي، ضمن 43 عملة أخرى، ليفسر تلميحات بعض المسئولين المصريين من قبل عن قيام الحكومة بدراسة العديد من البدائل لتسهيل حركة التبادل التجاري مع روسيا، التي تصل لحوالي 8 مليارات دولار، وتميل بشكل أساسي فى مصلحة روسيا، التي نستورد منها معظم احتياجاتنا من القمح والزيوت والأخشاب، ونصدر إليها الحاصلات الزراعية، خاصة البطاطس والبرتقال وغيرهما.تشير كل التوقعات إلى أن هذه الخطوة المهمة في مسار العلاقات الاقتصادية الروسية المصرية، ستتبعها خطوة مماثلة مع الصين ، وربما خطوات أو مسارات أخرى .. وإِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ .