احتفل العالم هذا الشهر بيوم الطفلة العالمى، وهو يوم مهم للوقوف على ما يواجهه الأطفال من البنات فى العالم من مشكلات متعلقة بالفقر والجهل والتمييز الذى يحرم الكثيرات من حقوقهن ليس لأى ذنب سوى أنهن خلقن بنات، وهو يوم مهم لدراسة التحديات ومحاولة علاج الأسباب سواء اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية أو سياسية. وقد شهد الاحتفال فى دول العالم العديد من الإبداعات. ولكن العالم الإسلامى تصدرت أخباره الصحف العالمية لتغطى أى إبداع آخر؛ فقد احتفلت حركة طالبان بيوم الطفلة بمحاولة قتل «ملالا يوسفازى»، وهى طفلة عمرها أربعة عشر عاما ناضلت من أجل تعليمها الذى يحرمه قيادات طالبان حيث تؤمن بأن «تعليم البنات حرام»، وملالا تعيش فى قرية سوات شمال باكستان التى سيطرت عليها الحركة فهربت منها الأسر الميسورة إلى مناطق أخرى لتتمكن من تعليم بناتها، وجدت ملالا أن الفقر لم يمكن أهلها من ترك القرية وأنها وكثيرات من زميلاتها سيحرمن من التعليم، قامت الطفلة المعجزة بعمل بلوج على الإنترنت تشرح قضيتها للعالم ووضع البنات والسيدات تحت حكم ما يسمون أنفسهم «إسلاميين»، وأرسلت إلى الإذاعة البريطانية «البى بى سى» لتخاطب الضمير العالمى لعله يتحرك، ملالا وزميلاتها تلقين دعما أدبيا كبيرا أجبر الحكومة الباكستانية على مقاومة غلق مدرستهن وتمكينهن من الاستمرار فى الدراسة، لذا أرسلت لها عدة خطابات تهديد بالقتل لكنها استمرت وتحولت إلى أيقونة البنات الريفيات الباكستانيات، وكان استمرارها فى الدراسة مَدداً لهن يقوى عزيمتهن على المقاومة بالعلم، مما جعل حركة طالبان تشعر بالهزيمة أمام إرادة «طفلة» وحكمت عليها بالإعدام ونفذته بإطلاق النار عليها هى وزميلاتها فى أتوبيس المدرسة، لتصاب ملالا بطلقة فى رأسها ورقبتها وترقد فى حالة حرجة للآن، بالإضافة إلى إصابة اثنتين أخريين من زميلاتها، وفى تصريحات زعيم الحركة قال إن ملالا لو نجت سوف يقتلونها مرة أخرى!
فى مصر تدوولت أخبار عن تجرؤ مدرِّسة على قص شعر بنتين عمرهما عشر سنوات لأنهما حضرا المدرسة دون حجاب، ولم تتحرك وزارة التربية والتعليم، ولم يعقب أحد من الإسلاميين الذين يملئون السمع والبصر بوعود بعدم فرض الحجاب أو تقييد حريات الناس على هذا الفعل الإجرامى الذى يعكس عدة أمور؛ تشددا غير مسبوق لا يجرؤ أحد على ممارسته إلا فى مواجهة الفقيرات، فمن المستحيل أن تقوم هذه المدرسة بانتهاك حرمة طفلتين وقص شعرهما عنوة تنفيذا لفكر متطرف لديها بفرض الحجاب بيدها على طفلتين إذا كانتا فى مدرسة خاصة، كما يعكس ترك الحكومة المصريين والمصريات نهبا لهذه الأفكار، فلم يتحرك وزير التعليم للتحقيق فى هذه الواقعة أو وزير التعليم العالى فى قضية فصل الطلبة عن الطالبات فى بعض الكليات الحكومية استجابة للأفكار المتطرفة، ودائما الفقراء يدفعون الثمن فى غياب الدولة وتخليها عن مواطنيها وتركهم نهبا للفساد المالى تارة والفساد السياسى تارة أخرى. وإذا كان التجرؤ الآن على قص شعر البنات أو فصلهن ربما فى القريب، ومع هذا الإصرار على عمل دستور لدولة دينية، يمتد المقص لرقبة البنات مثلما حدث لملالا، عندها سترسل الأسر الميسورة بناتها للتعليم الخاص أو خارج البلاد وتدفع الفقيرات فقط الثمن، وما أكثرهن فى بلد ما يقرب من نصفه يعيش تحت خط الفقر.