مارس هو شهرها.. هى المرأة.. الطبيعة.. الجمال.. كلما أشرقت وسطع نور وعيها ازداد استهداف نعيق غربان التطرف والرجعية، حتى بلغت الوحشية بها المتاجرة بالمرأة فى سوق الجوارى، وهو الثمن الذى دفعته نتيجة مواقفها التلقائية التى أيقظت الوعى تجاه كل ما يحاك من أجل العصف بمكانتها، والأهم ما يجرى من مخططات فى دولها. التقدير والحماس للمرأة يُشعل دائماً الطموح لرؤية صورة مكتملة الملامح لا يخدش جمالها أى خط مهما بلغت بساطته.. لذا فإن الأمنيات والأحلام لا تنتهى.فى مجال الإعلام فرضت المرأة وجودها حتى وسط أكثر بقع الصراع اشتعالاً. من الشهيدة شيرين أبوعاقلة التى اغتالها غدراً الاحتلال الإسرائيلى بعدما ضاقت «ديمقراطيته» المزعومة بكلمة حق، رجوعاً إلى عام 2006 حين تم اختطاف «أطوار بهجت» الصحفية والمراسلة فى العراق واغتيالها بوحشية لتدفع حياتها ثمناً للمهنية بعد حصولها على وثائق خطيرة تكشف العلاقة المشبوهة بين التنظيم التكفيرى داعش ودولة إقليمية أججت الطائفية والعنف فى العراق ضماناً لاستمرار هيمنتها. سبقتها بعام محاولة تفجير سيارة كانت تستقلها الإعلامية اللبنانية مى شدياق، ما أدى إلى بتر ساقها وتشويه أجزاء متفرقة من جسدها، عقاباً على «جريمة» التعبير عن مواقف وطنية فى برنامجها تعكس رفض خضوع بلدها للتجاذبات التى تدفع إلى إخضاع لبنان لولاءات خارجية.فى مقابل هذه النماذج المشرّفة التى لم تبخل بحياتها فى سبيل إظهار الحقيقة أمام العالم كما تنص أبجديات الإعلام، لا بد من الاعتراف بأن البرامج التى يُفترض أنها تخاطب المرأة هى أبعد ما يكون عن وعى واهتمامات المرأة بعدما نضجت على تجربة التحولات السياسية التى عاشتها بعض دول المنطقة العربية. برامج تغرد فى عالمها الخيالى حول مواضيع هى أبعد ما يمكن عن وصفها بالتعبير عن المرأة العربية.هنا يفرض السؤال نفسه: هل تعكس الصحافة النسائية حالياً هذه الدرجة من الوعى والتأثير الذى حققته المرأة؟ واقع الحال يؤكد أن تاريخ الصحافة النسائية أفضل من حاضرها. البداية عكست انشغال الصحافة النسائية بقضايا محورية آنذاك مثل حق التعليم، ممارسة النشاط السياسى، مشاركتها فى الانتخابات والنضال ضد المستعمر.. اهتمامات نبعت من عمق قضايا المرأة، ونجحت فى أن تصبح منبراً للدفاع عن حقوقها المشروعة. بعد عشرات العقود أبهرت المرأة العالم بوعيها السياسى وإيجابية مشاركتها فى تخطيط مصير دولها ضد تيارات تتلهف لإعادتها إلى عصر الجوارى. توالت الصور المشرقة من مصر وتونس، ومحاولات إيجابية فى العراق، عكست رغبة المرأة وحماسها لاستعادة دورها فى تشكيل مستقبل وطنها.المرأة التى أصبحت شريكاً يتجاوز تأثيره فى بعض الدول دور الرجل فى المواقف التى تحسم مصير بلادها، للأسف ما زالت تنتظر صحافة ترتقى إلى انخراط المرأة فى التغييرات المحيطة بها. هى لم تعد معنية بصحافة لا تكرس سوى السطحية أمام عقل المرأة المدركة التى تريد تنمية الفكر والوعى تحديداً ما يمس دورها فى الأزمات التى تواجه المجتمع وتُعتبر هى الطرف الرئيسى للنجاح فى التغلب عليها. إنجازات المرأة العربية منذ 2013 تحديداً تستحق وجود صحافة نسائية بحجم العطاء والوعى الذى أظهرته. هى فى الوقت الحالى لم يعد يعنيها قضايا ملابس المشاهير، نوعية أدوات التجميل، أو غيرها من الأمثلة مما يُطرح فى الصحافة والبرامج النسائية والذى يغلب عليه صورة نمطية لا تتفق مع الواقع وتدور فى فلك قضايا هامشية لا تليق بالمستوى الذى ارتقت إليه، بقدر ما تحتاج لمناقشة الملفات التى تمس واقع حياتها اليومية الذى تناضل لتحسينه فى ظل أزمات أطاحت بأقوى اقتصادات العالم كما ألقت بظلالها على المنطقة العربية.اكتمال إبداع الصورة سيتحقق مع صحافة نسائية تعبّر عن الوجه الحقيقى لها.. تحمل ملامحها.. بصماتها.. صحافة تخاطب مختلف المستويات الاجتماعية التى تنتمى إليها المرأة.