قصدت تأجيل الكتابة عن سائق التاكسى الذى قيده أحد ضباط الشرطة بالإسكندرية لحين مرور أعياد الشرطة وذكرى الثورة؛ حتى أبتعد عن دائرة الاستنتاجات الخاطئة والربط المخل، لكن ورب ضارة نافعة، فقد وقعت واقعة أخرى وللصدفة البحتة كانت مع سائق تاكسى أيضاً، لكن هذه المرة فى القاهرة والجانى كان الإرهاب الإخوانى، فى الواقعة الأولى أظن -وبعض الظن إثم- أن السائق قد أخطأ مرتين، الأولى عندما صدقنا السائق وظن أنه فى مجتمع سوى ودولة عادلة تعامل الجميع على قدم المساواة، وفيها القانون هو السيد وهو الحكم، الثانية عندما حاول السائق أن يكون إيجابياً وسط مجتمع يتنفس السلبية، وجد السيارة تسير عكس الاتجاه، فقرر أن يسير هو عكس الاتجاه فقام بالتصدى لها ورفض مرورها، وبالصدفة كان قائد تلك السيارة ضابط شرطة يفترض أنه يحمى القانون، فكان جزاء السائق ما قام به الضابط الباشا الهمام وما رأيناه جميعاً.. هذه لقطة ومشهد، الواقعة الثانية عندما قام الإخوان الإرهابيون التكفيريون بحرق التاكسى الخاص بأحد المواطنين دون ذنب أو جريرة، السائق شعر بالقهر والذل وانفجر فى البكاء، هذه لقطة أخرى ومشهد آخر، فى الواقعة الأولى قام مدير أمن الإسكندرية بإيقاف الضابط وإحالته للتحقيق ودمتم، فى الواقعة الثانية قام رئيس الوزراء باستقبال السائق وتطييب خاطره وتعويضه عن الخسائر الناجمة عن حريق التاكسى الخاص به، سؤالى ومبعث عتابى لرئيس الوزراء هو لماذا لم يستقبل سائق التاكسى الذى فقد كرامته بينما يستقبل السائق الذى فقد مصدر رزقه؟ لماذا قرر معالى رئيس الوزراء أن يطيب خاطر فاقد التاكسى بينما نسى أن يطيب خاطر فاقد كرامته، فى اعتقادى أن ترميم الكرامة المبعثرة لإنسان ومواطن أهم ألف مرة من ترميم التاكسى المحترق، فالذى بعثر كرامة سائق الإسكندرية هو الدولة.. نعم الدولة ممثلة فى ضابطها الهمام الذى هو رمز لهيبة الدولة، بينما من قاموا بحرق وتدمير تاكسى القاهرة هم الإخوان الإرهابيون وهم أيضاً رمز للخراب والدمار ولا جديد فى أفعالهم، لذلك إذا كان من حق سائق تاكسى القاهرة اعتذار وتعويض من الدولة، فإن سائق تاكسى الإسكندرية يستحق ألف اعتذار، ولا أعتقد أن هناك من يعوضه على فقدان كرامته، سيدى رئيس الوزراء، إننى عاتب عليكم عدم القيام بتطييب خاطر سائق التاكسى الذى فقد كرامته فى نفس الوقت الذى تفضلت بتطييب خاطر من فقد سيارته، أعلم أن هناك أخطاء فردية موجودة فى كل القطاعات، فما يحدث فى الشرطة يحدث فى الإعلام ويحدث فى القضاء ويحدث فى الأزهر ويحدث فى كل مكان، لأننا مجتمع من البشر لا مجتمع من الملائكة، لكن ونحن نبنى مصر الجديدة نعلم أن دعائمها هى كرامة الإنسان، فالإنسان الذى تهدر كرامته قطعاً لن يكون قادراً على العمل والإنتاج والعطاء، فالإنسان قبل البنيان يا معالى رئيس الوزراء، إن الرئيس طالب بتطوير وتحديث جهاز الأمن واعترف بأن هناك تجاوزات، وهذه الواقعة ضمن التجاوزات الشرطية التى تمثل خصماً من رصيد الوطن.