عبارة كثيراً ما تجرى على لسان البسطاء فى بلادى عندما يتهمهم أحد بتهمة يرون أنفسهم برآء منها، فيقول لك الواحد منهم: «أنا مظلوم ظلم الحسن والحسين»، وهو يريد بهذه العبارة أن يشرح مدى الظلم الواقع عليه الذى يماثل فى حجمه ونوعه الظلم الذى وقع على الحسن والحسين ابنَى على رضى الله عنهم أجمعين وحفيدَى النبى صلى الله عليه وسلم؛ فقد تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان، فظلمه مَنْ حوله حين اتهموه بالضعف، ووصفوه بـ«مُذِلّ المسلمين»، رغم أنه لم يرد من وراء ذلك سوى حقن دمائهم. ومع تضحيته بما كان جديراً به طمع فيه خصومه أكثر، فدسّت له زوجته السم فى العسل بإيعاز منهم. أما الحسين رضى الله عنه فيمثل المأساة الكبرى فى تاريخ المسلمين، فقد خرج منادياً بإعادة الدولة الإسلامية إلى ماضيها الأول، بعد أن حادت عن الدين وبدأت تلهث وراء الدنيا، فما كان من يزيد بن معاوية إلا أن سلط عليه جنوده فذبحوه فى مشهد مروِّع بكربلاء ليسقط شهيد نقائه وثوريته.
هكذا أصبح ظلم «الحسن والحسين» رضى الله عنهما مضرب المثل لدى المصريين، وربما كان ذلك هو سر غضب الكثيرين من تلك الأغنية اللقيطة التى ترددت فى إعلانات فيلم «عبده موتة». والغضب هنا لا ينصرف إلى المصريين الشيعة فقط، بل إلى المسلمين السنّة أيضاً؛ فمن قال إن أهل السنة لا ينزلون آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم المنزلة التى يستحقونها، ولا يحرصون على رفض أى نوع من أنواع السفه فى حقهم؟ لذلك توقعت أن يندد الأزهر الشريف والمسئولون فيه بتلك الإساءة لحفيدى النبى صلى الله عليه وسلم، وأن يسعوا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بشطب هذه العبارة المسيئة من الفيلم، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث. وظل الحال كذلك حتى اتخذ منتج الفيلم قراراً بحذف العبارة من الأغنية، بعد ازدياد حالة الغضب من جانب الشيعة والصوفية، فى حين كان الأزهر ودار الإفتاء فى حالة غياب كامل عن المشهد.
لقد ذكر «المنتج» أنه قام بحذف العبارة لتهدئة الأوضاع، وأضاف: «فضلت عدم الخوض فى مشاكل رغم أن هذه الأغنية ليست جديدة، وتذاع فى الديسكوهات والأفراح منذ عامين تقريباً، ولم تنتج خصيصاً للفيلم، وهى لا تحمل أى إهانة لآل البيت، ولا أعرف سبب كل هذا الهجوم عليها»! ولست أدرى بماذا أفسر هذا الكلام، ألم يشاهد المنتج الفيلم ليرى كيف أن العبارة تتردد على تمايلات الراقصة «دينا»، أم أن الرقص الشرقى أصبح -من وجهة نظر المنتج- شكلاً من أشكال «الذكر».. بشرط توافر العنب والبلح طبعاً؟!