هل سندرك الوقت الذى لا ينفع فيه الندم؟ هل سيتبقى منا أناس يدركون عاقبة عدم الإنصات لكلمات التحذير المصرية التى كان من المفترض أن تنقذ العالم، أم أنه لا حياة لمن تنادى؟!
أمطار من المؤشرات التى تتنبأ بأهوال ما هو قادم، سيل عرم من الرؤى والدراسات التى تفرد بالتفاصيل لكارثة نحن مقدمون عليها، موجات كاسحة من الدروس غير المستفادة المهدورة أمام عقول صلداء وآذان صماء وأعين سوداء، والنتيجة.. صفرية بامتياز.
يغمرنى التشاؤم، سراب من تفاؤل آخذ فى الابتعاد والزوال، ونحن تائهون فى نفق بلا نهاية، مانحين التطرف الانفراد بالسيادة والحكم، ليجرجر البشرية إلى نهاية العالم بتعجل.
يخطئ من يظن أن صلف وإجرام دولة الاحتلال والعدوان لن يقابله غشم وانتهازية من الغرب المتعجرف، ولن يناظرهما تطرف وغلو شرقى، لينحروا جميعاً رقاب السذج الحالمين بعالم أفضل، ويشوهون أولئك الساعين لكلمة سواء.
ستتسع فوهة البركان رويداً رويداً، بحيث لا يرى الغاضبون المندفعون منزلق الحافة وسيقنعون أنفسهم بأنهم الفئة الناجية أو الشعب المختار أو محتكرو حق الانتقام، وسينفخ الغوغاء فى (صور) المحرقة الحقيقية المقبلة، وستتجهز النفوس لسلب الأرواح وسفك الدماء، وهدم المعابد والمعالم وتجريف المصانع والمزارع.
لن تبقى حالة الهياج ولن تذر، سيكتسح الإرهاب المحمول والمترجل والطائر والسابح والغاطس أرجاء المعمورة، وستضرب البلدان الواهمة أنها تمسك العصا من المنتصف، وستنغرس الخناجر فى صدور الأغبياء الظانين أن تهييج مشاعر الغضب عبر وسائل التواصل الاجتماعى سيجعلهم فى منجى مما لا منجى منه.
لن يظل على كرسيه أحد من ساسة شعار حق المجرمين فى الدفاع الشرعى عن النفس، ولن ينعم من يروجون لحق المظلوم فى الثورة ضد كل عاقل حكيم، فيخونونه أو يدلسون كلماتهم وصرخاتهم، لينحرفوا باتهاماتهم بعيداً عن القضية، ليستغلوا الظرف ضد من يعارضونهم لتلبيسهم ما ليس فيهم، حتى يرضوا غرورهم، ويشبعوا عجزهم برغبة الانتقام الأسود الأعمى بمنطق شمشون.
لن تأمن سفينة إمداد تحمل دواءً أو غذاءً أو مستلزمات حياة، لكن سفن الموت المحمّلة بالبارود الموجه شديد الانفجار ستحميها أقمار العالم الصناعية وتؤمّن عبورها غواصات نووية، وستظللها طائرات حربية متطورة منطلقة من قواعد وحاملات عسكرية.
لن يكون هناك صوت فى الميكروفونات سوى التهييج وإيغار النفوس وشحن آلة القتل والتدمير، وما بين فقرات مصورة لمؤتمرات صحفية بائسة لأبناء الشيطان، ستتخللها أخبار مصورة وأحياناً على الهواء لدماء متناثرة جرَّاء قتل هنا وأشلاء مترامية جرَّاء انفجار هناك.
ستنسحب استثمارات من مشاريع قيل إنها قرنية كانت جاهزة لتوأمة حفار النفط بحفار القبور، وسيكون التزاوج المزعوم بين متطرفى جنوب آسيا، ومتطرفى شرق المتوسط، وسيكون الحاضن «المحلل»، جسر الوصول، أول الضحايا وأكثر الخاسرين.
سيقود العالم حمقى، لا فرق بين من يملك خبرة فى عمره الثلاثينى وآخر فى عمره السبعينى، وسيتحد الحمقى فى رمى الحكماء بالسهام، فكلما كان هناك من يزنون الأمور ويستشرفون النور، بات ثوب الحمقى قصيراً مذلاً.
هنيئاً لمن يرتدون ثوب الفضيلة وفى أحشائهم ينمو السفاح، مبارك على من ضل سعيهم ولا يفعلون سوى النباح، طبتم فقد أُوردتم جهنم من صنع أيديكم.