عندما نذكر تاريخ السباحين المصريين خاصة الذين عبروا بحر المانش الواقع بين إنجلترا وفرنسا نجد في مقدمتهم عبد اللطيف أبو هيف . استطاع أبو هيف عبور المانش ثلاث مرات مدونا اسمه في مكانة رياضية عالمية كما حقق رقما قياسيا عام 1953، ما جعل الصحافة والرأي العام يطلق عليه لقبا محببا للمصريين وهو "تمساح النيل".
كان أبو هيف أسطورة تغنى بها المصريون، كان يضرب باسمه المثل عند الحديث عن السباحة، فيقول أحدهم تمجيدا لمن يتقن فن العوم: كأنه أبو هيف، وإذا أراد أحدهم أن يسخر من آخر يدعي انه سباح ماهر فيقول: يعني أبو هيف يا خي !!
مؤخرا ثارت مسألة ترتبط بأبي هيف الذي كان اسمه يتلألأ على شاطئ في الإسكندرية التي كانت عروس البحر المتوسط فصارت الآن أرملة البحر المتوسط . أراد البعض أن يجتهد في الفشل فغير وبدل في أسماء بعض الشواطئ على البحر العريق فأفتى بتغيير اسم شاطئ أبو هيف الموجود بمنطقة سيدي بشر حيث كان أبو هيف يتدرب على عبور المانش، لكن!! وعلى رأي الفنان العبقري ستيفان روستي: نشنت يا فالح؟ فكان من الطبيعي أن يرفض الرأي العام هذا الاجتهاد في الفشل، فالفشل يوجد منه ما يكفي في الإسكندرية.
الغريب أن ما نشر من أخبار يثمن موقف المحافظ الذي قرر أن يدعو المجلس التنفيذي للمحافظة لإعداة اسم أبو هيف على الشاطئ المسمى باسمه مرة أخرى !! وإقامة تمثال للسباح العالمي !! وأتساءل : أين كان المحافظ طوال الفترة السابقة ؟ هل كان لديه علم برفع اسم أبو هيف من شاطئه بسيدي بشر ؟ أم لم يكن يعلم ؟ والآن يصرح بأنه يقدر القامات التي قدمت للوطن تاريخا مشرفا ؟؟!!
كان أبو هيف محل احترام حكام مصر، فالتقاهم جميعا وأعفاه عبد الناصر سيارته من سداد الرسوم الجمركية ورد إليه السادات قطعة أرض بالمقطم كانت محل نزاع بينه وبين الدولة. ذهب أبو هيف – حسب الرواة – إلى السادات عائما حينما كان السادات موجود في عوامة على النيل ورآه السادات فأمر الحرس بالسماح له بمحادثته قوال: " يابو هيف أنت جاي تكلمني في المية "، فقال أبو هيف: أرض المقطم يا ريس، فقال السادا : " خلاص يابو هيف ما يكونش عندك فكر، هاحل لك كل المشاكل " وكرمه مبارك.
ينتمي أبو هيف إلى عائلة عريقة لها أملاك وأوقاف في عدد من المحافظات وينتمي إليها عدد كبير من الشخصيات ذات المناصب والحيثية الاجتماعية . وهو نفسه كان عضوا بمجلس الشعب في دورة كاملة. كان السباح العالمي ممن يقدرون التقاليد المجتمعية ويؤدي الواجب الاجتماعي في كل المناسبات، وكم من مرة أجده جالسا في عزاءات لأشخاص يعرفهم أو لا يعرفهم.
رحم الله أبو هيف وعافانا ممن لا يعرفون قدر الأبطال.