طرح الرئيس السيسى مبادرة جديدة للتحرك بشكل مختلف بشأن وضع حل للقضية الفلسطينية وذلك خلال لقائه بكل من رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز ورئيس وزراء بلجيكا ألكسندر ديكرو، وهذا الطرح يشمل نقطتين فى غاية الأهمية (الأولى: أن إحياء مسار حل الدولتين فكرة استنفدت ولم تحقق شيئاً) و(الثانية: لا بد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية).. وهذا الطرح له دلالاته وحججه ومنها: أنه لا بد من إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفكرة حل الدولتين ربما لن تؤتى ثمارها خلال المستقبل القريب لأن نتائج هذه الفكرة لا شىء، وهذا المسار تعثر على مدار ٣٠ عاماً ولهذا لا بد من البحث عن فكرة جديدة أو مسار جديد، فقد شهد قطاع غزة خلال العقود الأخيرة صراعات متتالية وصدامات نتج عنها سقوط أكثر من ٢٧ ألف مواطن فلسطينى كشهداء خلال المواجهات مع إسرائيل وبالتالى يتطلب هذا ضرورة اعتراف المجتمع الدولى بفلسطين دولة مستقلة ويتم اندماجها فى الأمم المتحدة، وهذا المسار الجديد يحتاج للجدية والتعاون من كل الأطراف الدولية الفاعلة، نعلم جميعاً أن المياه الراكدة تجلب الأمراض، لهذا من المؤكد أن هذه المبادرة ستحرك المياه الراكدة.
رد الفعل الدولى على ما طرحه الرئيس السيسى يؤكد أن هناك احتمالات قوية لنجاح هذا الطرح خاصة بعد ما أكده «لويس ميجيل بوينو» المتحدث باسم الاتحاد الأوروبى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حينما قال نصاً: إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الأمن والسلام الدائم فى المنطقة وسيكون حلاً للصراع فى الشرق الأوسط.. ليس هذا فقط بل إن «ستيفن دوجاريك»، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال: نشيد بالموقف المصرى المؤثر الذى أسهم فى الهدنة بين الإسرائيليين وحركة حماس وأحث جميع الدول على استخدام تأثيرهم لإنهاء هذا الصراع المأساوى ودعم خطوات لا رجعة فيها نحو المستقبل الوحيد المستدام للمنطقة وبموجب هذه الخطوات تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب فى سلام وأمان.
أراد الرئيس السيسى إنهاء حالة الفشل المستمرة التى تلحق بمسار القضية الفلسطينية، فالصدام بين إسرائيل وحركة حماس حدث أكثر من مرة وتحديداً فى خمس مرات فى ٢٠٠٨ و٢٠١٤ و٢٠١٨ و٢٠٢١ و٢٠٢٢ والصدام الجارى الآن ينبئ بمزيد من الاستمرار فى هدم منازل أهالى قطاع غزة والتى وصل عددها حتى الآن ٤٥ ألف منزل تم هدمه، فلابد من توقف المواجهات حتى يتم إدخال المساعدات للأهالى، وفى هذا الصدد فإننا نقول: إن مصر بمفردها قدمت (٧٥٪) من حجم المساعدات التى قدمت للأشقاء فى قطاع غزة.. وأيضاً أمامنا طريق طويل لإعادة بناء المستشفيات التى دمرت بعد استهدافها من جانب العدوان الغاشم ورفع كفاءة باقى المستشفيات التى خرجت من الخدمة بعد ٤٧ يوماً هى مدة القصف الإسرائيلى العنيف والذى لم يترك لا مدارس ولا مستشفيات أو مقرات للمنظمات الدولية إلا واستهدفها بالصواريخ.. وأيضاً لا بد من علاج المصابين ومعظمهم من الأطفال والسيدات وتوفير المستلزمات الطبية والدواء والغذاء لأهالى القطاع.
سنوات طويلة مرت على القضية الفلسطينية ولم تتحرك خطوة للأمام، دعونا نمشِ فى مسار جديد ونعلن الدولة الفلسطينية وتنضم للأمم المتحدة فى هذا الوقت سيكون عليها مسئوليات ولها حقوق ولها حدود واضحة.. هنا سنضع إسرائيل أمام أمر واقع وسنفرض عليها السير معنا فى نفس مسارنا لكى تعترف بالدولة الفلسطينية ويعيشون معاً جنباً إلى جنب.. ويعم السلام فى منطقة الشرق الأوسط وهو السلام الذى حُرمت منه منذ عقود طويلة.. فهل سيتحقق ذلك؟ الأيام المقبلة تنذر بكل ما هو جديد، خاصة أن هذا الطرح نال تأييد عدد من الدول الكبرى وعدد من الدول الفاعلة فى المنطقة وتدور نقاشات كثيرة معهم فى هذا الشأن.