تجرى الانتخابات الرئاسية الحالية وسط ظروف استثنائية بالغة الدقة والحساسية، تمر بها مصر والمنطقة العربية والعالم، وعبّر الشعب المصرى عن وعيه الكامل بحجم المخاطر التى تهدد كيان الدولة، بخروجه فى مظاهرات حاشدة لتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى موقفه الصلب تجاه العدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة، والذى أعلنه خلال قمة القاهرة للسلام برفض تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل، وأن هذا الحل فى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر، وهو الموقف الذى أكده الرئيس فى مواجهة زعماء الدول الكبرى المنحازة للعدو الصهيونى.
ويبدو أن الدعم الشعبى الهائل للرئيس السيسى أصاب كل المتربصين بالدولة المصرية -فى الداخل والخارج- بصدمة من العيار الثقيل، أجهضت محاولاتهم البائسة لتفجير غضب الجماهير، استغلالاً للأزمة الاقتصادية الراهنة، وما يصاحبها من ارتفاع الأسعار، وكانت المفاجأة التى لم يتوقعها أكثر المتفائلين أن المصريين تناسوا معاناتهم اليومية من الغلاء لحساب القضية الوطنية، ووجهوا اهتمامهم لمتابعة أداء القيادة السياسية فى الدفاع عن الوطن.
حالة الاصطفاف الوطنى -البديهية- خلف القيادة أجهضت الدعوات السلبية لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وماتت هذه الدعوات قبل أن تولد، واتجهت كل المؤشرات لترجيح نسبة المشاركة الكبيرة فى الانتخابات، وواقع المشهد الانتخابى يؤكد اتساع المسافة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وبقية المرشحين، والفارق فى الشعبية واضح تمام الوضوح، وطور المتربصون خطتهم فى الهجوم بإطلاق كلمتهم المسمومة.. ناجح ناجح.
مقولة ناجح ناجح فى سياق المشهد لا تمثل الإقرار بالواقع، قدر ما تعنى تثبيط همة المصريين، وتقليل نسبة مشاركتهم فى هذا الاستحقاق الانتخابى المهم، وبالتالى يفوز السيسى بأقل عدد من الأصوات تحد من قدرته على مواجهة قوى الشر كما وصفهم الرئيس فى أكثر من مرة.
نحن أمام لعبة مكشوفة «هنا يضع لنا الأعداء السم فى العسل» لضرب الوعى القومى، وهز الثقة بين المصريين ورئيسهم، وتهديد سلامة الدولة، ووحدة وتماسك المجتمع، وتعطيل مهمة استكمال بناء الدولة الوطنية المصرية وتطويرها كدولة مدنية ديمقراطية حديثة.
المصريون اعتادوا مفاجأة العالم فى اللحظات الفارقة فى عمر الوطن، والتاريخ يشهد على ذلك فى أكثر من موضع، ومن يتشكك فعليه التهيؤ لتلقى الصدمة الكبرى، فالرئيس عبدالفتاح السيسى سيدخل ولايته الجديدة بأكبر نسبة من الأصوات التى تستعصى على أى تلاعب بالألفاظ.
مما يروى عن الخليفة عمر بن الخطاب أنه لقى الصحابى حذيفة بن اليمان، فقال له: كيف أصبحت يا حذيفة؟ فقال: أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق، وأصلى بغير وضوء، ولى فى الأرض ما ليس لله فى السماء.
غضب عمر غضباً شديداً. فدخل على بن أبى طالب فقال له: يا أمير المؤمنين على وجهك أثر الغضب، فأخبره بما جرى له مع حذيفة. فقال له: صدق يا عمر، يحب الفتنة، يعنى حب المال والبنين، لأن الله تعالى قد قال: «إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ»، ويكره الحق. يعنى الموت ويصلى بغير وضوء، يعنى أنه يصلى على النبى بغير وضوء فى كل وقت، وله فى الأرض ما ليس لله فى السماء، يعنى أن له زوجة وولداً، وليس لله زوجة وولد. فقال عمر: أصبت، وأحسنت يا أباً الحسن، لقد أزلت ما فى قلبى على حذيفة.
وللحديث بقية..