محمد عبدالجواد: ابنة "السادات" قالت لى "أبوغزالة قتل بابا يا أونكل"
ستة عشر عاماً قضاها محمد عبدالجواد مستشاراً إعلامياً فى رئاسة الجمهورية، منها 4 سنوات مستشاراً للرئيس الراحل أنور السادات و12 سنة تبوّأ فيها المنصب نفسه مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، طالع خلالها الكثير من التفاصيل داخل أرفع دوائر صنع القرار السياسى.. «عبدالجواد» أكد، لـ«الوطن»، أن المشير «أبو غزالة» متورط فى مقتل «السادات»، مشيراً إلى أن الرئيس الراحل كان «فلتة» من فلتات الزمن، على حد قوله، لكن حسنى مبارك اختيار الأمريكان. وأفاض المستشار الرئاسى السابق فى سرد وقائع مرحلة من أخطر مراحل التاريخ الحديث.. وإلى نص الحوار:
■ نبدأ بفترة الرئيس الراحل أنور السادات.. كيف كان حال الدولة آنذاك؟
- عُينت رئيساً لتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط فى أبريل 1965، وبعد ذلك بقليل توليت منصب رئاسة مجلس الإدارة، وبعدها جاءت النكسة، ثم حرب 1973، واستمررت فى الوكالة، وخلال السنوات الست لعبت الوكالة دوراً كبيراً على الساحة السياسية، إذ وكل إلينا الاتصال بالصحفيين الأجانب فى حالة حدوث تطورات، وكان محمد فايق، وزير الإعلام وقتها، كلفنى فى حال عبور قوة مصرية قناة السويس أن أتولى الاتصال بالصحفيين الأجانب. وفى 1973 حدث بينى وبين الدكتور عبدالقادر حاتم سوء تفاهم، وكان قد أبعدنى عن الوكالة فى 1972 ثم شاءت الظروف فى يوم 4 أكتوبر أن حدثنى الرئيس السادات من القصر الجمهورى، خلال استعداده للمعركة، وفى تلك الليلة كنت ما زلت مبعداً عن الوكالة لسبب شخصى بينى وبين «حاتم»، وبعدها كلف السادات السفير أشرف رباب، المستشار الإعلامى للرئيس، بأن يتولى الشئون الإعلامية للمعركة، فطلبنى لأكون معه، فقال «حاتم»: «ميرجعش»، فما كان من الرئيس السادات إلا أن قال له: «ده مش وقت المسائل الشخصية، هو كفء، ويعود إلى الوكالة»، فأبلغنى مكتب الدكتور حاتم بعودتى، وبعدها بأربعة أشهر ترك حاتم الوزارة.
■ وماذا عن علاقتك بالسادات؟
- فى أكتوبر 1976 جاءنى خطاب من رئاسة الجمهورية بأن حرم الرئيس السيدة جيهان السادات ستقوم برحلة للشرق الأوسط وطلبت أن أستعد للسفر معها، لتغطية الأخبار، وكنت أعتقد أننى سأسافر وغيرى من الزملاء، لكننى كنت وحدى، نظراً لحساسية الرحلة، وحقيقة كانت «جيهان» خير سفير لمصر إذ قمنا بزيارة اليابان والفلبين وإندونيسيا وسنجبور وماليزيا وتايلند، وكانت وجهاً مشرفاً لمصر فى تلك الدول وأقامت علاقات قوية معها، وكانت سفيرة دبلوماسية ناجحة.. وفى الداخل، كنت أقوم بالتغطية الإعلامية للرحلة، وعرفت أن جيهان السادات كنز لمصر ووجه مشرف للدولة.
■ وماذا بعد ذلك؟
- أدركت أن ما حدث من سوء تفاهم بينى وبين الدكتور حاتم كان سببه عدم الاتصال بالرئيس، لذلك كنت أتصل دائماً به، وعملت مندوباً لتغطياته، وكنت أنا رئيس التحرير الوحيد الذى يفعل ذلك، فاسترعى ذلك انتباه الرئيس، وسأل: مين ده؟، فقالوا له إنه رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وفى يوم ما، سافرت مع الرئيس إلى الرياض بمفردى، فاستدعانى فى الطائرة، وقال لى: «أنا عايزك إنت بس اللى تيجى فى رحلاتى»، وسافرت مع الرئيس فى تلك الرحلة بمفردى، لأنها كانت لاعتماد المصالحة بين حافظ الأسد والسادات، وذهبت لتغطية الرحلة، وبعدها عدت إليه مرة أخرى، وقلت له: «يا ريس.. حضرتك مش عايز رؤساء التحرير الآخرين ليه؟»، فرد: «مفيش حد بيشتغل، ومفيش حد بيعمل حاجة»، فقلت: «يا سيادة الرئيس، دول زملاء وأصدقاء، يقتلونى»، فرد: «أنت خفت؟»، فقلت: «لا، مش مسألة خوف، هم يحضرون لا من أجل تغطية الأخبار، لكنهم يكتبون المقالات، فأرجو من سيادتكم أن تعيدهم»، فقال: «خلاص»، ومنذ ذلك الحين كانت هناك علاقة بينى وبين السادات، بمعنى أن الفترة دى كانت حافلة بالأخبار المهمة، والوكالة كانت بالنسبة لى عملى المهم، وكنت أتلقى أخباراً مهمة يومياً، وأبلغ الرئيس بها، ولا أستطيع أن أغادر مكتبى دون الحديث معه، وكانت المكالمة تستغرق ساعة، فإذا حدث شىء فى النهار كنت أبلغ الرئيس به، وصدرت تعليمات للسكرتارية بأننى لو اتصلت بالرئيس السادات بعد منتصف الليل وطلبت إيقاظة، فعليهم أن يفعلوا ذلك، وهو ما حدث بالفعل فى يوم ترشح الرئيس كارتر للرئاسة فى أمريكا للمرة الثانية، إذ ظللت على اتصال بالرئيس إلى الساعة 3 صباحاً، وقال لى: هناك لو نجح اتصل بيّا وصحينى، فشاءت الظروف إنه ما نجحش، فلم أتصل، فالسكرتارية خافوا إنهم يبلغوا الرئيس بالخبر الوحش ده، فأرسلوا له جمال السادات لإبلاغه، فدخل عليه وقال له إن السكرتارية مكسوفين يقولوا ليك إن كارتر سقط، فقال له: ما أنا عارف، فقال له جمال: «إزاى حضرتك عرفت»، فقال: «لو نجح كان محمد عبدالجواد اتصل بيا»، والحمد لله ظللت طوال السنوات الأربع على تواصل مع الرئيس، والبعض يعتقد أن الاتصال بالرؤساء شىء هين.[FirstQuote]
■ كيف؟
- حدث أن جامعة القاهرة أقامت احتفالاً بتكريم أحد أبنائها البارزين، وكان الرئيس السادات سيقدم الجوائز، وكان بين المكرمين الدكتور وحيد رأفت، أستاذ القانون الدولى، وهو من المعارضة، وكان المشرف على الحفل الدكتور صوفى أبوطالب، رئيس مجلس الشعب، وأمام الرئيس، وفى وجود الكل، اعتذر عن الجائزة، واستدعانى الدكتور صوفى لمكتبه ورجانى أن أشرح للرئيس الظروف والملابسات، فأبلغت السيدة جيهان بذلك، فضحكت، وقالت: «ربنا يسهل». وهناك كثير من الملابسات الأخرى، وما يتردد عن أن جيهان كان لها دخل فى الرئاسة كلام غير صحيح، فالسادات كان يرى أنها زوجة ولا يجب أن تتدخل فى السياسة، والسادات كان يستطلع رأيى فأقول له: يا ريس الأفضل كذا، وكان ساعات يقول لى: يا محمد إنت صح. وأتذكر أن أحد زملائنا كان السادات لاحظ عليه بعض الملاحظات، وفكرنا فى أن يكلم أحد الرئيس، واتفقت مع المرحوم موسى صبرى أن نتحدث معه لكنه قال لى بعد ذلك: لا، سنتحدث مع جيهان، وما حدث من الهانم أنها بدأت بطريقة ذكية جداً تلمح له لمدة ستة أشهر، وبعدها طلبت من الأولاد أن يلفتوا نظره لبعض المقالات الجيدة، بحيث يزول سوء التفاهم، وقد كان ذلك، لكنها لم تجرؤ على التحدث مع السادات فى أمر عام، لقد كانت زوجة فقط. وهناك قصة أخرى، فالرئيس وأنا كنا فى الإسكندرية لمدة 20 يوماً، وكنت أطلب من الوكالة نقل كل الأخبار لى هناك، لأبلغها له، وفى يوم وصلت لمكتب الوكالة قالوا لى إن الرئاسة طلبتك والسيدة الأولى عايزاك، فطلبتها: حضرتك عايزانى، فقالت: إنت مش عندك تليفون فى البيت، فقلت: لا، فقالت لى: طب إيه رأيك إن رئيس الجمهورية عايز منك خدمة، أنا ليّه بنت خالتى بتشتغل فى السياحة وجات مصر، وعايزة تلاقى عمل فى السياحة، وحياة ولادى قالت لى إن الرئيس قال لها: محمد عبدالجواد هو اللى هيعينها، لأنه قريب وزير السياحة، جمال الناظر، والسادات لم يرضَ أن يتكلم مع وزير السياحة، فكلمت جمال الناظر، فقال لى: مستعد إنى أسيبلها الوزارة.
■ هل كان السادات يميز بين الناس فى علاقته بهم؟
- لا، فالرئيس السادات فلتة من فلتات الزمن، ولو شاء الله أن يبقى فترة أخرى، كان جعل مصر قطعة من أوروبا، وكل اللى حصل من أحداث مشهورة فى سبتمبر من اعتقالات وخلافه، فالله يعلم أن الذى أقنع الرئيس بها هو وزير الداخلية، النبوى إسماعيل، صحيح أن السادات صدق ما قاله النبوى، لأنه كان يخشى الفتنة الطائفية، وكل المعلومات تقول إن هناك فتنة قد تكون سبباً فى بقاء إسرائيل وتأجيل الانسحاب من سيناء، وليلة الاعتقالات كلمنى وزير الداخلية، وقال لى: قل لزملائك إنه بدءاً من الساعة 11 سيتم الاعتقال فأبغلت رؤساء التحرير، وتحدثت مع الرئيس الساعة 11 مساء، وكانت رأس الرئيس كمبيوتر، ونقلت له ما يحدث، فقال لى: من غير ما تقول للنبوى، أى لستة اعتقالات هتجيلك اقرأها لى. وكنت خايف يضع اسم واحد مظلوم، وقرأتها له، وما استوقفنى هو اسم محمد حسنين هيكل، وتمت الاعتقالات على ثلاثة أيام، فأبلغت السادات بذلك، وبأن نار جهنم ستُفتح عليه من جانب الصحافة الغربية، فقال لى: هيكل ضالع فى الفتنة. فقلت له: إزاى؟. فرد: شوف هو النبوى مش بعتلك حيثيات الاعتقال، فقلت: لا، فقال إنه سيرسلها. وبعد أن انتهت الاعتقالات، أدركت أن للنبوى اليد الطولى فيها، فقد اعتقد أن الضجة ستكون ليومين أو ثلاثة، لكن بعد يومين سألت الرئيس: ليه كل هؤلاء الناس؟، فقال لى: «أنا خايف من الفتنة الطائفية، أو أن يحدث شىء يعطل تسلّم سيناء». وأقسم بالله، لو كان السادات عاش، كان هيحارب تانى، علشان سيناء، كان هيحارب.[SecondQuote]
■ كيف؟
- السادات قال لى: أنا خايف أى حاجة تحصل تعطل استرداد سيناء، والسادات لو كان فيه حرب تانية علشان تحرير سيناء كاملة كان هيحارب، وكنا فى النمسا فى مارس 1977 عندما استدعانى الرئيس، وقال: يا ولاد، مش عارف أعمل إيه مع العرب، أنا قلت للعرب أنا عايز سلاح، وقلت لهم تعاقدوا انتم على السلاح من بره بره ووصلوه لى، ولفيت على البلدان العربية بلد بلد لدرجة إن الكويت كانت بتقول الشحات وصل، وأنا مش عارف أعمل إيه والجيش محتاج سلاح، وإسرائيل بتماطل، وأنا بشحت من العرب يعملوا ليا عقود تسليح مع فرنسا وبلدان أخرى، ومش بيوصل لى سلاح. وتابع الرئيس أن شاوشيسكو، رئيس رومانيا، عرض عليه فكرة زيارة القدس، وقال لنا فى الطيارة إن بيجن طلع كلمنجى، وإن الحديث فى الصالونات غير الميكروفون، وأدركنا أن شاوشيسكو سيكون وسيطاً بين مصر وبيجن، ثم سافرنا بعدها إلى طهران، وأبلغنا الشاه بما دار بين شاوشيسكو وبيجن، ثم زرنا الرياض، وأبلغنا ملك السعودية باقتراح زيارة القدس، ووافقوا، السادات ذهب للقدس عندما يئس من جمع سلاح للجيش المصرى، بالإضافة إلى أن البلاد كانت فى حالة إفلاس فى الوقت الذى تسلحت فيه إسرائيل بالكامل، ولو كان السادات يملك الأسلحة الكافية مكانش راح القدس، لكنه اتخذ القرار علشان يحرج إسرائيل فى عقر دارها، والوحيد الذى كان يرتعد أمام السادات هو مناحم بيجن، والرئيس حب يختبره وقال له: يا بيجن أنا بفكر أوصل لكم المياه عبر سيناء من نهر النيل فى سبيل التنازل عن القدس الشرقية، وكاد بيجن يقبل يد السادات، لأنه لو كان السادات فكر فى هذا كانت الدنيا هتولع فى إسرائيل، والرئيس السادات كان بيقول: أنا فلاح ولو مكانتش الحاجة فى سيالتى مش هبقى مرتاح، فقد كان يمتلك ذكاء خارقاً، فضلاً عن أنه ابن بلد ويمتلك كل الصفات التى تؤهله لأن يكون زعيم المنطقة، وكارتر قال فى كتابه: «قابلت 150 رئيس دولة فلم أجد أذكى أو أخطر أو أصدق من الرئيس السادات»، فالرئيس الراحل استطاع أن يكسب ثقة كارتر وكان يصدقه، ووعد كارتر والسادات كان قاطعاً فى حل القضية الفلسطينية لذلك قام اليهود بإسقاط كارتر، حتى لا يتم حل القضية الفلسطينية وجاء بعده ريجان الذى لم يكن يطيق السادات.
■ وماذا عن مقتله فى العرض العسكرى؟
- جيهان بنت السادات كانت تبكى على كتفى بعد ما رجعنا من المستشفى فى بيت الجيزة، وقالت لى: «أبوغزالة قتل بابا يا أونكل».
■ وحسنى مبارك؟
- قيل إن مبارك اختير بمعرفة الأمريكان لتولى الرئاسة. وكان هناك اقتراحات للرئيس من قائدى الأسلحة فى حرب أكتوبر، وكانوا 5 «مبارك» آخر القائمة، لكن الأمريكان أوحوا للرئيس السادات باختيار مبارك، فالسادات كان يثق فى مبارك، وطوال فترة عمله نائباً للرئيس كان مدير مكتب السادات، والرئيس كان بيحبه، ولا أعتقد أن السادات كان يخطر بباله أن مبارك سيكون يوماً ما رئيساً لجمهورية مصر العربية، لأن مبارك كان أقصى طموحه رئاسة شركة مصر للطيران، أو أن يكون سفيراً لمصر فى إحدى الدول الصغيرة، وللأسف الشديد تعامل مبارك مع أسرة الرئيس السادات بشكل لا يليق، وقال لى: لا تتصل بجيهان السادات، وإلا ما تكلمنيش تانى. وبعد توليه الرئاسة بـ3 أيام قالى لى: انت بتخاطب جيهان السادات بحرم رئيس الجمهورية وهى دلوقتى ما بقتش كده، وقال لى: شوف بقى، يا إما تكلمها أو تكلمنى، ولم يكن وفياً لأسرة الرئيس السادات، ولم يتصل مرة خلال فترة حكمه التى امتدت 30 عاماً بأسرة السادات، وكانت سوزان أحياناً تحدثهم، وتم فرض حظر على مكالمات جيهان، وكانت تأتى إليها رسائل فى الخارجية، ولم تكن تُبلغ بها، وأعطى مبارك أوامر بعدم الاتصال بينها وبين أى أحد من خارج مصر إلا الأقارب، وفى مرة طلب رئيس وزراء أستراليا عن طريق الخارجية دعوتها لإلقاء المحاضرات فى الجامعة، وسفيرنا هناك أبلغ الرئاسة، لكن مبارك اتصل بسيد مرعى، وقال له: جيهان بيقولوا رايحة أستراليا، وهتعملنا دوشة هناك. وسيد مرعى اتصل بها وقال لها: مفيش داعى إنك تروحى أستراليا.
■ وهل نفذت تعليمات مبارك بعدم الحديث إليها؟
- نعم، التزمت بتعليمات مبارك بعدم الحديث مع السيدة جيهان التى كانت تعتبرنى بمثابة أخ لها، لأننى خفت وقتها من العواقب، والإمارات صممت أن يكون «جمال» رئيساً لمجلس إدارة شركة الاتصالات، رغم رفض مبارك، والسيدة جيهان السادات ظلت تتقاضى معاشاً عادياً لا يرقى لمعاش رئيس دولة، ومبارك كان بياخد معاش 3 ميداليات نجمة سيناء، من ضمنها واحدة أعطاها له السادات، كل ميدالية بمبلغ 20 ألف شهرياً، وكان يتقاضى 60 ألف جنيه شهرياً غير مرتبه من الرئاسة، والسادات لم يكن لديه نجمة سيناء، وجيهان أُعطيت نجمة سيناء بعد الثورة، والرئيس السيسى كرّمها وحضرت احتفالات ذكرى النصر، وفى إحدى المرات كانت جيهان السادات مسئولة عن جميعة الوفاء والأمل وراحت سوزان تفتتح أعمال التجديد فيها، وعندما مدت جيهان يدها لسوزان لتسلم عليها، تجاهلتها سوزان، وكان هذا أمامى، وهو مشهد لا يُنسى، فمبارك لم يكن يستدعى جيهان لأى احتفالات رسمية ولا حتى أولاد السادات، هناك فرق كبير بين مبارك والسادات، ولا يمكن مقارنة الاثنين، لقد ظُلم مبارك بتوليه الرئاسة لأنه لا يستحقها، وجيهان السادات أكدت أن مبارك كان يتوقع أن يرأس شركة مصر للطيران أو يتولى وزارة أو منصب سفير لمصر فى دولة صغيرة، وكان دائماً يدّعى الفقر، وأول مرة قابلت مبارك فى مكتبه كنائب رئيس، وكان بيحكيلى إنه بيفصّل بدلتين فى السنة، والمهية يدوب كانت مقضّياه، وتكلفة البدلة 600 جنيه، وكنت فى بعض الأحيان أقول له: سيادة النائب، الرئيس بيقولك كذا، يقول لى: لما الرئيس يكلمنى. ولم يكن يصدق أنه يشغل منصب نائب الرئيس، وكنت أتحدث مع الرئيس الساعة 11 بلليل لمدة 10 دقائق، وفى أغلب الأحيان وهو داخل ينام، لكن مبارك لم يكن يهتم بالاتصال به للحديث عن أهم الأخبار، فالرئيس السادات كان يدقق فى الأخبار، ولكن مبارك لم يكن يهتم بها.[ThirdQuote]
■ من كان يكتب خطابات الرئيس الراحل؟
- موسى صبرى، ثم مكرم محمد أحمد، وكان عملهما قاصراً على الصياغة فقط، لكن الأساسيات والمحاور كان الرئيس السادات هو اللى بيحددها، وكان عارفنا واحد واحد، وعارف ياخد منى إيه، ومن غيرى إيه، وأنيس منصور كان يتحدث يومياً معه، وكان بيتمشى معاه فى القناطر. ولم أذهب لوكالة أنباء الشرق الأوسط منذ أن تركتها، وصديقى اللى أنا رشحته لخلافة منصبى غضب لأن الرئاسة أبلغته أنى هستمر فى الاتصال بالرئيس يومياً، وهذه المكالمات على قد ما عملت ليا برستيج، كرّهت الناس فيّا، وفؤاد محيى الدين كان بيقول لى: إنت مش عاوز تقول للسادات يعينّى رئيس وزراء، والرئيس السادات كان يرفض دائماً تعيينه وزيراً، واللى كان بيدير الحكم خلال عهد مبارك، زكريا عزمى، وجمال عبدالعزيز، سكرتيره، وفى آخر 10 سنين سوزان وشلتها هى اللى كانت بتدير الحكم، وتتدخل فى تعيين الوزراء، وشاءت الظروف أن أكون على عشاء مع سفير دولة أجنبية قبل الثورة، وقال السفير إنها تحكم (she is governing) يقصد سوزان مبارك، وهى اللى صممت على منح إبراهيم سليمان، وزير الإسكان، «نيشان» رغم عزله بقرار محكمة، ومبارك بدأ يغلط ويخلى مكتبه يبتدى يتصل برؤساء التحرير للدعاية لجمال مبارك وتنجيمه ليمهدوا لترشيحه رئيساً للجمهورية، وبعض رؤساء التحرير كانوا ينادون جمال بـ«يا ريس»، ومبارك أصبح بطة عرجاء بعد وفاة حفيده، وجمال مبارك وسوزان وشلتها همّا اللى كانوا بيديروا البلد، وفتحى سرور هو من قام بتفصيل المادة 76 فى الدستور للتمهيد للتوريث، وأحمد عز قال: مفيش معارضة فى 2010، وزوّر الانتخابات علشان يرشح جمال مبارك للرئاسة، وأعتقد أن جمال لم يخطر على باله أنه سيكون رئيساً، لكن سوزان هى من أقنعه بذلك. والجيش لم يكن يقبل التعظيم لجمال مبارك، لكنه عظّم لـ«مرسى» لأنه جاء بانتخابات، لكنه لم يكن سيستمر.