تقول مستنكراً، وبأدب «كنباوى» مفتعل:
«يا أخى.. اتق الله فى نفسك وبلدك وشعبك. إذا كانت الأم (مصر) قد ماتت فى نظرك، فاذكروا محاسن موتاكم. ثم إن الجنين (أى الثورة) لم يمت -كما قلت- ولن يموت، لأنه امتدادها... مشيئة الله وكلمته العليا.
تقول -وإصبعك يكاد يخزق عينى- إن ثورتك المجيدة، المباركة، التى «لا حصل ولا هيحصل زيها» فى تاريخ «المرحومة مصر»، أصبحت «أمراً واقعاً»، أو لعلها خلقت «واقعاً» جديداً، ومن ثم فهجومى عليها -فى نظر سيادتك- شِركٌ بـ«الله» ممثلاً فى «الإخوان».. وخروج على الديمقراطية، ممثلة فى «وقعة الشاطر خيرت»، المعروفة أمنياً بـ«قضية المطابع الأميرية»، التى تردد وقتها أن قيادات إخوانية موّلت عملية «تسويد» بطاقات انتخابية لصالح مرشحها الرئاسى -آنئذٍ- محمد مرسى، ليتفوق بذلك على منافسه، الفريق أحمد شفيق.
تقول -معتقداً أننى جاحد ومغرض وعدمى، و«فلولى» تؤلمنى من شدة الغل- إن هجومى على هذه الثورة.. مجرد «هرطقة» فى «قعدة احتجاجية» لا تقدم ولا تؤخر، فكفى الله «المؤمنين بالثورة» قوله تعالى: «وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا».
أنت إذن تتحدث مثلهم.. مثل أولئك الذين ضحكوا عليك، وسرقوا ثورتك التى تعتقد أنها «نصف دينك»، لكنك لا تدرك (وهذه مصيبة) أو تدرك ولا تريد أن تعترف (وهذه مصيبة أكبر) أن «الواقع» الذى خلفته هذه الثورة.. واقع خرب، وكئيب، وميئوس منه، وأن سيادتك «تقوم وتقع» منذ عامين تقريباً فى نفق طويل، مظلم، لا ضوء فى آخره.. بل صف لحى وكروش وجنازير وجلاليب بيضاء وفوهات بنادق بين عينيك: «إن الحكم إلا لله».. أو «مهدرٌ دمُك»، فليرحم الله «الدولة»، و«أمن الدولة»، و«سراديب أمن الدولة»!.
قل لى: فيمَ تثق.. وفيمن؟!.
«السياسة» كما ترى أصبحت أمواجاً يُكَسِّر بعضها بعضاً. وكل «قواك» السياسية -من الوفد إلى «ألتراس محمد أبوتريكة»، مروراً بحزبى «الكنبة - فوق التأسيس» و«مصر البلطجية - تحت التأسيس»- مشغولة عنك: إما باندماجاتها وانشقاقاتها.. أو بـ«تأسيس تأسيسية» بالملوخية، ووضع «دستور» يعبر عن جموع «شعب متخيل» ترى هذه القوى أنها تعبر عنه.. أو بالغناء لـ«الثورة»، وهدهدتها، واللعب فى فرو رقبتها، لتنام أنت وفى بطن سيادتك «منجاية إسماعيلاوى» من النوع الذى وصّى عليه الإمام الشهيد «حسن البنا»- ألف رحمة و«نور» و«حرية» و«عدالة» على روحه الطاهرة - فى بيان تأسيس «جماعته».
كل الأحزاب، والتيارات، والحركات، والائتلافات، و«الافتكاسات الثورية» -الوطنية منها وغير الوطنية- «تتحرش» بهذه الثورة، حتى بعد أن «تأخونت» و«تحجبت» وأصبحت على ذمتين -أو بـ«ذمتين»- فى وقت واحد: كارثة «قطار العياط» زواجاً رسمياً، أى بما لا يخالف شرع الله، وأهزوجة «الجو بديع» زواجاً عرفياً، وفقاً لما «لم يذكره» الإمام الشهيد فى بيان تأسيس «الجماعة».
كلهم يتحرشون بثورتك:
العلمانيون والليبراليون -وهم فى ظنى «كائنات افتراضية»- يشدون «طرحتها»، ويحاولون فك زرارين فى قميصها لتكون واجهة لدولتهم المدنية، ولكى تستطيع -هذه الثورة- فى أى لحظة أن «تخلع» الاثنين -القطار والجو- إذا أساء أحدهما أو كلاهما معاملتها. والشيوعيون -الممتلئون بمأثرة نجيب محفوظ: «إن ركوب هذه الفتاة يمثل ركوب طبقة»- يريدونها متاعاً لهم ولعشوائييهم (بروليتاريتهم الرثة) فى بولاق الدكرور والدويقة والأباجية وبطن البقرة واسطبل عنتر وقلعة الكبش وعين الخيالة وغيرها من الأحياء الراقية. والناصريون يرون أنها «قفة بودنين: ودن عمال، وودن فلاحين». أما السلفيون فأنواع: «ونيس» (من مؤانسة) وهو أصدقهم مع نفسه، لأنه يفضل الاختلاء بها فى سيارة ملاكى على طريق سريع. و«بلكيمى» ولهان، هو أشدهم إخلاصاً ورومانسية.. لكنه أقلهم تيمناً بشعار «سنحيا كراماً»، حيث اضطر إلى كسر أنفه و«شلفطة» سحنته ليثبت لها -لهذه الثورة- أنه يحبها بعدد شعر لحيته الطاهرة، وكانت النتيجة أنه خسرها وخسر مقعده الكتاتنىّ فى مجلس الشعب المنحل. والنوع الثالث «حوينى» يرى أن خروجها أساساً من البيت، بصرف النظر عن ملابسها، يجعلها مسئولة بالكامل عن جريمة التحرش، ويجعل من المتحرش عقاباً إلهياً لها. أما الرابع فهو «جهادى»، وهو الأعنف، إذ يرى أن مهمتها قد انتهت بإخراجه من دفاتر وسراديب «أمن الدولة»، ومن ثم لا بد من «هد» البيت على رأسها لتموت ومعها سره!
هذه حال السياسة.. فماذا عن الاقتصاد؟..
انتظرنى.