الكتابة لـ»الوطن» الجريدة مسئولية، والكتابة عن الوطن مصر مسئولية أعظم. «الوطن» الجريدة منحتنى شرف المشاركة بالكتابة على صفحاتها، ووضعت عشرين قاعدة لكتّاب الرأى لضمان الدقة والمهنية.. قواعد أشبه بدستور صغير أتى أولاً قبل أن يبدأ الكتّاب فى إرسال ما لديهم من مقالات.
أما الوطن الكبير مصر، فاختارت أغلبيته أن يأتى الدستور أخيراً بعد الانتخابات، ولم يكن اختياراً فى محله، وهو ما كشفت عنه الأيام؛ فهناك كثيرون قالوا للتعديلات الدستورية «نعم» يتمنون اليوم لو أنهم قد قالوا «لا»، لكن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء وأى تفكير فى ذلك قد يتلف الساعة بأكملها.
لكن تصحيح المسار يبقى ممكناً رغم أن سباق المرحلة الانتقالية اقترب من الأمتار الأخيرة، سواء كان بين المتنافسين على الرئاسة، أو بين المجلس العسكرى والثورة، أو بين الثورة والفلول، أو بين الثوار أنفسهم على تشكيل لجنة كتابة الدستور، ولتصحيح سريع للمسار مطلوب استحضار الخوف العميق على الوطن، والإحساس بأن الوقت لم يعد إلى جانبنا. مطلوب وطنية تسرع ولا تتسرع، تحافظ على الوقت لتحافظ على الوطن، فالوطنية كما قال قاسم أمين «تعمل ولا تتكلم»، والعمل كسب للوقت أما الكلام فمضيعة له.
ولنعترف فى إطار نقد الذات أن من عيوبنا الكبيرة قلة تقدير أهمية الوقت، وخلال الأيام القليلة المقبلة سيشعر الجميع بضغط الوقت أكثر. والخوف كل الخوف أن يُترجم هذا الشعور إلى خطط أنانية تدفع فرقاً وأحزاباً وجماعات إلى الانغلاق على نفسها بدلاًً من الانفتاح على بعضها. مطلوب إحساس مختلف يبدى فيه الجميع تفهمهاً عميقاً للخوف على الوطن لأن الوطن بالفعل بات فى خطر، مطلوب تجرد وإنكار للذات، مطلوب من علم النفس السياسى للمودة والثقة أن ينتصر على علم النفس السياسى للكراهية والشك، مطلوب باختصار حب ولو حتى مؤقتاً بدافع الضرورة، مطلوب مواطنون يركزون على ما يمكن أن يجمعهم فى المستقبل. فالوطن ليس جمعاً من الناس حققوا معاً إنجازات طيبة فى الماضي، وإنما جمع من الناس يأملون فى أن يحققوا مع بعضهم إنجازات أخرى أعظم فى المستقبل.