من الأمور اللافتة أيضاً فى الخطاب «الأسيوطى» الأخير للدكتور «محمد مرسى» الدعوة الأخرى التى هدد من خلالها بثورة جديدة ضد الفاسدين، وأكد أنه لن يتردد عن دعوة الشعب كله لثورة ثانية ضد أفاعى الفساد، مشيراً إلى أن لديه معلومات عمن يحاول العبث بمقدرات الوطن. ولم أعرف فى التجارب السياسية التى شهدتها دنيا الله رئيساً يدعو إلى ثورة غير العقيد «معمر القذافى»، الذى لقى حتفه على أيدى الثوار الليبيين أواخر العام الماضى. ويعد الرئيس محمد مرسى هو النموذج الثانى لرئيس «متوج» يدعو إلى ثورة. وهى دعوة تحتمل كل علامات الاستفهام والتعجب التى تدخرها اللغة فى جعبتها!.
إننى أفهم أن يدعو إلى ثورة مجموعة الجالسين فوق مقاعد المعارضة، المنكرون على الرئيس «مرسى» أسلوبه فى الأداء، أستطيع أن أستوعب مثلاً أن يدعو محمد البرادعى، أو حمدين صباحى، أو عبدالمنعم أبوالفتوح، أو شباب الثورة، أو أى حزب سياسى آخر بعيد عن السلطة، إلى ثورة تجتث جذور الفساد والفاسدين، أما أن يدعو رئيس الدولة إلى ذلك فهذا ما أستطيع استيعابه، إلا أن يكون الدكتور «مرسى» ما زال يعتبر نفسه فى صفوف المعارضة، أو يريد أن يقدم لنا نموذجاً جديداً لما يمكن أن نطلق عليه «الرئيس المعارض».. بس بردو ما زلت مش عارف هو يعارض من؟!.
والأعجب فى الأمر هو كلام «الرئيس المعارض» عن توافر معلومات لديه حول أفاعى الفساد التى تريد العبث بمقدرات الوطن، ثم سكوته بعد ذلك عن التحرك ضدها. فكيف يكون لديه المعلومات ولا يتحرك للقبض على وتوقيف هؤلاء الفاسدين الذين يضمرون الشر لمصر وشعبها؟!. والكلام الذى لا يرافقه فعل تتعدد أهدافه، فيمكن أن يكون مجرد «فرقعة تصريحات» فى الهواء، أو محاولة للتفلت من المسئولية بإلقائها على آخرين، ليس من اللائق بالطبع أن يشير الرئيس إليهم، دون أن يؤكد أن لديه معلومات كاملة عنهم، وإلا بدا وضعه «مش ولابد» أمام سامعيه!. وكل ذلك لا يمنع من أن المستمع إلى مثل هذا الكلام دون أن يجد أفعالاً موازية له، يشعر وكأن الرئيس «مش شايف شغله»، أو يكتفى بالتهديد من بعيد لبعيد.. ودمتم!.
بصراحة كلام الرئيس فى الخطابات الأخيرة أصبح يثير الاستغراب. فمن تأويله العجيب للآية القرآنية التى تقول «إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ» الذى كرر فيه ما قاله توفيق الحكيم -رحمه الله- وهو يعانى مرض الموت فى أيامه الأخيرة، إلى دعوته من نهبوا المال العام إلى إعادته على أحد الحسابات البنكية، إلى تهديده بثورة جديدة، تتراقص أمارات الدهشة!.. يا ترى إيه المستخبى؟!.