دراسة: الثورات لم تقضِ على "التوريث" في الدول العربية
أصدر المركز "الإقليمي للدراسات الإستراتيجية" دراسة بعنوان "الارتدادات العكسية: تفسيرات عودة فكرة توريث الحكم في الجمهوريات العربية"، أوضح فيها أن على الرغم من أن فكرة توريث قمة هرم السلطة السياسية في الجمهوريات العربية، كانت المحرك الرئيسي لكل مظاهر الحراك الثوري، فإنه يبدو بعد مرور أربعة أعوام على ذلك الحراك أنها عادت للظهور على السطح بقوة مرة أخرى، وهو ما كشفت عنه حالات كل من اليمن، قبل عملية "عاصفة الحزم"، والجزائر وسوريا وموريتانيا.
وأشارت الدراسة إلى أنه انتشر بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة في بعض الجمهوريات العربية عودة فكرة التوريث التي سبقت اندلاع الثورات العربية في نهاية عام 2010، ويأتي في مقدمتها الحالة اليمنية، قبل بداية عملية "عاصفة الحزم" وخاصة بعد طرح اسم أحمد علي عبدالله صالح كمرشح للرئاسة.
وخرجت عدة مسيرات تطالبه بالترشح، كان أبرزها في 13 مارس 2015، في ميدان السبعين بوسط العاصمة صنعاء، حيث رفع المتظاهرون لافتات تدعوه لخوض الانتخابات في الوقت الذي نفى فيه حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه أي صلة له بهذه المسيرات.
كما شهدت الجزائر خلال الأسابيع القليلة الماضية، جدلا واسعًا حول عودة توريث الرئاسة في البلاد، وهي الفكرة التي كانت أُثيرت قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خاصة بعد التصريح الذي أطلقته لويزة حنون الأمين العام لحزب العمال في منتصف مارس 2015، وطالبت فيه سعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بضرورة التدخل لوقف ما أسمته بالانحرافات القائمة في الدولة، وسياسة النهب الممنهجة الخطيرة، وهو التصريح الذي تم تفسيره باعتباره دعوة صريحة لتوريث الحكم في الجزائر، ودفع ذلك المعارضة، خاصةً الإسلامية منها، للتحذير من تداعيات ذلك، حيث أكد ناصر حمدادوش، النائب عن حركة مجتمع السلم الذي يعد أكبر حزب إسلامي في البلاد، في 18 مارس الماضي، أن هذا التدخل يُعتبر مشروعًا صريحًا للتوريث، معتبرًا إياه خطيرًا، وأخطر من "القنبلة التي انفجرت في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا"، وهو ما ينذر بإمكانية حدوث مواجهات شرسة بين النظام والمعارضة في حالة المضي قدمًا فيه.
كما شهدت تونس جدلًا متصاعدًا، في الثلث الأخير من مارس 2015، بعد اعتزام حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، تأسيس حزب سياسي جديد تحت مسمى "النداء الجديد".
أما في حالة سوريا، فيبدو أن بلوغ الصراع الداخلي المسلح ذروته قد دفع العديد من الأطراف الدولية والإقليمية والداخلية إلى البحث عن بديل للرئيس الحالي بشار الأسد، ويظل التوافق حول البديل محل خلاف، لا سيما مع تمسك الأطراف الداعمة للنظام بأن يكون من داخل النظام، أو على الأرجح من الطائفية العلوية، وخاصة مع غياب البديل من داخل عائلة الأسد، وهو ما يجعل خيار التوريث قائمًا أيضًا في سوريا وأحد سيناريوهات الخروج من الأزمة، في رؤية اتجاهات عديدة، ولو كان في صورة رئيس انتقالي إلى حين استقرار الأوضاع السياسية في البلاد.
وعلى الرغم من عدم وجود جدلٍ داخل موريتانيا حول فكرة التوريث؛ فإنه يبدو أن بدر محمد ولد عبدالعزيز، نجل الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز، قد بدأ يتخذ خطوات -ولو بسيطة- للسعي نحو وراثة رئاسة الجمهورية خلفًا لوالده، لا سيما أن الدستور الموريتاني يحول دون ترشح رئيس لأكثر من دورتين.