لم تكتف إسرائيل بسرقة الأراضى الفلسطينية فقط، لكنها اعتادت سرقة أعضاء الفلسطينيين أنفسهم، وبيان «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» الصادر عبر «دائرة العلاقات الخارجية» بها، يمكن اعتباره كالرصاصة فى قلب العدو الصهيونى، حتى لا يغفو العالم عن جرائمه التى ذكرها البيان، وأبرزها جريمة سرقة أعضاء ضحاياها من أصحاب الأراضى المحتلة.
إنها «أم الجرائم» التى يجب تسليط الضوء عليها دائماً، حتى لا تتوارى خلف كل هذا الصخب العالمى المصاحب للعدوان الهمجى على غزة، وما يصاحبه من تفاصيل يومية، تتراوح بين مفاوضات تبادل الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، بالمحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس»، ومباحثات الهدنة، أو وقف الحرب، وما بينها من التصدى لجرائم إسرائيل الأخرى، مثل التهجير القسرى والجماعى لأهالى غزة، وتعذيب الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، والإعدامات الميدانية الجماعية، ونبش القبور وتدميرها.
اعتاد الكيان الصهيونى منذ اليوم الأول لنشأته عام (1948) ارتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطينى، كما اعتاد العالم التعايش معها، بعد أن تحولت إلى مجرد أحداث يومية، تتصدر نشرات الأخبار التليفزيونية، والعناوين الرئيسية للصحف، وقد يتأخر ترتيبها، ارتباطاً بمدى سخونة الأحداث، أو عدد الضحايا الفلسطينيين.
وظلت جريمة سرقة الأعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين مخفية، قبل كشفها منذ سنوات قليلة مضت، وأكدتها شهادات أطباء إسرائيليين شاركوا فى ارتكابها.وما أشارت إليه «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» حول قيام إسرائيل بتسليم جثث ضحاياها لذويهم، مقطوعة الرؤوس، وقد نُزعت عنها فروة الرأس، مجرد ادعاء، أو من قبيل المبالغة، للفت أنظار العالم، أو كسب تعاطفه مع القضية الفلسطينية.
هذه الممارسة الإجرامية البشعة، التى قد لا يتصورها العقل الإنسانى، تبدو متسقة تماماً مع حقيقة امتلاك إسرائيل لأكبر بنك للجلود البشرية فى العالم، وتم تأسيسه عام (1986) بمعرفة قطاع الطب العسكرى التابع لجيش الاحتلال، كمنشأة طبية لتخزين هذه الجلود، لاستعمالها لاحقاً فى معالجة الحروق والسرطانات الجلدية، ليس لحساب الداخل الإسرائيلى فقط، لكنه يقدم خدماته للخارج أيضاً، وبخاصة للدول الغربية.
وخلافاً لما اعتادت عليه البنوك المثيلة فى دول العالم، من الحصول على الأعضاء الحيوية من المتبرعين الطوعيين، اعتاد بنك الجلود الإسرائيلى الحصول على مخزونه بسرقة جلود الشهداء الفلسطينيين، ضمن ما تتم سرقته من الأعضاء الحيوية الأخرى.
وبهذه الجريمة، أصبح بنك الجلد الإسرائيلى هو الأكبر فى العالم، بمخزون يُقدَّر بنحو (170 متراً مربعاً) من الجلود البشرية، وتفوّق على بنك الجلد الأمريكى الذى تأسس قبله بـ(40 عامًا) تقريبًاً، وذلك رغم عدد سكان إسرائيل الذى لم يتجاوز (10 ملايين) إسرائيلى، قياساً بعدد سكان الولايات المتحدة الذى يتجاوز (340 مليون) أمريكى.
ومن الإحصائيات اللافتة أن إسرائيل تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم، فى رفض سكانها التبرع بالأعضاء، بسبب عدم تقبل المجتمع لهذه الفكرة التى تتعارض مع المعتقدات الدينية لليهود، وهو ما يؤكد أن المخزون القياسى للبنك الإسرائيلى تم تكوينه «بسلخ» جثامين الشهداء الفلسطينيين لسرقة جلودهم.. وللحديث بقية.